قوله:{لِكُلِّ أَوّابٍ} بدل من قوله: {لِلْمُتَّقِينَ} بتكرير الجار، و {هذا} إشارة إلى الثواب أو إلى مصدر {أُزْلِفَتِ}{مَنْ خَشِيَ} بدل بعد بدل تابع ل {لِكُلِّ} ويجوز (٢٧٣ /ب) أن يكون بدلا غير موصوف {أَوّابٍ} و {حَفِيظٍ} ولا يجوز أن يكون في حكم {أَوّابٍ} و {حَفِيظٍ} لأن" من "لا يوصف به ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي وحده، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره {اُدْخُلُوها بِسَلامٍ} لأن" من "في معنى الجمع، ويجوز أن يكون منادى كقولهم: من لا يزال محسنا أحسن، وحذف حرف النداء للتقريب. {بِالْغَيْبِ} مضى في أول البقرة (١).
{اُدْخُلُوها بِسَلامٍ} أي: سالمين من العذاب، أو مسلما عليكم من الله وملائكته. {يَوْمُ الْخُلُودِ} يوم تقدير الخلود؛ كقوله:{فَادْخُلُوها خالِدِينَ} أي: مقدرين الخلود. {وَلَدَيْنا مَزِيدٌ} وهو ما لم تبلغه آمالهم ولم يخطر ببالهم حتى يشاءوه. وروي أن السحابة تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور العين فيقولون: نحن المزيد الذين قال الله عز وجل فيه: {وَلَدَيْنا مَزِيدٌ}(٢).
التنقيب: التنقير عن الأمر والبحث والطلب؛ قال الشاعر [من الخفيف]:
نقّبوا في البلاد من حذر المو ... ت وجالوا في الأرض كلّ مجال (٣)
ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله:{هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً} أي: شدة بطشهم أقدرتهم على التنقيب، وقرئ:" فنقبوا "بالتخفيف وكسر القاف (٤) أي: نقبت أخفاف إبلهم من كثرة أسفارهم، ورأوا في آثار المهلكين ما يكفي للاعتبار. {هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} هل من مخلص من
(١) عند تفسير الآية (٣). (٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٩٠). (٣) البيت لعدي بن زيد، أو للحارث بن حلزة، ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٢٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨١)، الدر المنثور للسيوطي (٧/ ٦٠٨)، صفة الصفوة لابن الجوزي (٤/ ٢٥٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٣٩٠). (٤) قرأ بها أبو العالية ويحيى بن يعمر. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٢٩)، تفسير القرطبي (١٧/ ٢٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨١)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٨٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١١).