نكرة موصوفة أي: هذا شيء لدي، و {عَتِيدٌ} صفته، ويجوز أن تكون موصولة و {لَدَيَّ} صلتها و {عَتِيدٌ} خبر بعد خبر أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف.
{أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ} إن كان السائق والشهيد واحدا ففيه وجهان:
أحدهما عن المبرد: أن تثنية الفاعل بمنزلة تثنية الفعل؛ كأنه قال: ألق ألق (١).
والثاني: أن العرب أكثر ما يرافق الرجل منهم اثنان؛ فكثر على ألسنتهم أن يقولوا:
خليلي وصاحبي، وقفا واسعدا. وقال الحجاج لبعض حرسه: يا حرسي اضربا عنقه؛ فجرى ذلك على عادة كلامهم. وقرأ الحسن:" وألقينا "(٢) أبدل النون الساكنة ألفا، ويجوز أن يكون {أَلْقِيا} إجراء للوصل مجرى الوقف؛ فأثبت الألف عوضا عن النون في حال الوصل.
{عَتِيدٌ} بمعنى معاند؛ كعشير وجليس. {مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ} كثير المنع. قيل: نزلت في الوليد بن المغيرة؛ كان يقول: من دخل في دين محمد لم أنفعه بشيء أبدا (٣).
{مُرِيبٍ} شاك في الله وفي دينه. {الَّذِي جَعَلَ} مبتدأ خبره: {فَأَلْقِياهُ} وأدخلت الفاء على الخبر لتضمنه معنى الشرطية، ويجوز أن يكون {الَّذِي جَعَلَ} بدلا منصوبا من {كُلَّ كَفّارٍ} ويكون {فَأَلْقِياهُ} تكريرا للتوكيد، ودخلت الواو في قوله تعالى:{وَقالَ قَرِينُهُ} لأنه لم يكن مقاولة سؤالا وجوابا بخلاف قوله: {قالَ قَرِينُهُ} فإنها حكاية جواب وكذلك جاء في مقاولة موسى وفرعون: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ}(٤) كررها تسع مرات بغير واو (٢٧٣ /أ) وقوله هاهنا: {قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ} أجراه مجرى المقاولة؛ لأنه لما قال:{رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ} دل على أنه كان قد جرى بينهم مقاولة.
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٨٧). (٢) تنظر قراءة الحسن في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٢٦)، تفسير القرطبي (١٧/ ١٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٧٨)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٢)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢٨٤). (٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٨٧). (٤) سورة الشعراء، الآية (٢٣).