الثاني: عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع -رضي اللَّه عنه- إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بابنتيها من سعد، فقالت: يا رسول اللَّه، هاتان ابنتا سعد ابن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا، ولا ينكحان إلا ولهما مال، قال: فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (يقضي اللَّه في ذلك) قال: فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عمهما فقال:(أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك)(١).
• وجه الاستدلال: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى ابنتي سعد وكانتا اثنتين الثلثان، فدل على أن حكم الثنتين فما فوق إذا اجتمعن واحد، وهو الاشتراك في الثلثين.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (٢)، وابن حزم من الظاهرية (٣).
فقد روي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه قال:(إن للبنتين النصف) وقد ذكر هذا القرطبي حينما رد حكاية الإجماع، عند تفسير قوله سبحانه وتعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}[النساء: ١١] وقال: (فرض اللَّه تعالى للواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين، ولم يفرض للثنتين فرضًا منصوصًا في كتابه، فتكلم العلماء في الدليل الذي يوجب لهما الثلثين ما هو؟ فقيل: الإجماع، وهو مردود؛ لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنتين النصف)(٤). وقال ابن حزم: (وأجمعوا أن للأبنتين المنفردتين
(١) رواه: أبو داود، رقم (٢٨٩٢)، والترمذي، رقم (٢٠٩٢)، وابن ماجه، رقم (٢٧٢٠)، والحاكم في المستدرك، كتاب الفرائض (٤/ ٣٣٣ - ٢٣٤). وصحح إسناده الألباني، انظر: سنن أبي داود، رقم (٢٨٩٢). (٢) انظر: الاستذكار، ابن عبد البر (١٥/ ٣٨٩)، والمغني، ابن قدامة (٩/ ١١)، والجامع لأحكام القرآن، القرطبي (٦/ ١٠٥). (٣) انظر: مراتب الإجماع (ص ١٧٩). (٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٠٥).