فأَمَّا مَنْ لم يَكُنْ بهذهِ الصِّفَةِ، وانْضَمَّ إِلى ذَلكَ ضَبْطُهُ لِما يَرويهِ مَعَ وَرَعِهِ وتَقْواهُ، فلا مَانِعَ مِن قَبولِهِ أصلًا.
وقوله:«فالأوَّل»: أي: فالنَّوع الأول من نوعي البدعة، وهو: ما كان بمكفِّر؛ «لا يَقْبَل صاحبَها الجمهورُ» يُعني مُطْلَقًا؛ لعِظَم بدعته وقبحها، وفيه تصريح بوجود الخلاف في قَبول رواية هذا القسم، وهو طريق الأصوليين، ولم يحك ابن الصَّلاح في رَدِّ روايته خلافًا (١)، ووافقه النوويُّ في «تقريبه»(٢)، فإنْ كان قد قَصَد الردَّ عليه فتطابُق الطريقين غير لازم كما عَلِمْتَ مرارًا، وإنْ قصد بيان الواقع قَرُب.
وقوله:«وقيل: يُقْبَلُ مُطْلَقًا»: هذا قولٌ لم يَحْكِه ابن الصَّلاح (٣)، وهو: قَبول خبر المبتدعة مُطْلَقًا وإن كانوا كفَّارًا أو فسَّاقًا بالتأويل مع اعتقاد حرمة الكذب، وهذا أضعف الأقوال، وقد عَلِمْتَ أنَّه مقيَّد بأنْ يكون لهم تأويل، فلا بُدَّ منه على هذا القول.
(١) مقدمة ابن الصلاح (ص ٢٢٨). (٢) التقريب والتيسير للنووي (ص ٥١). (٣) مقدمة ابن الصلاح (ص ١١٤).