انفرد عبدُ الله بن أحمد ابن حنبل برواية " المسند " عن أبيه، مع أنَّه سمعه مع أخيه صالح وابنِ عم أبيه حنبل بن إسحاق، فصالح - وهو أكبرُ أولاد الإمام - كان كثيراً ما يتغيَّبُ عن السماع سعياً وراءَ عياله (١) ، ولعلَّ حنبلَ بن إسحاق اهتمَّ بفقه الإِمام أحمد أكثر من اهتمامه بحديثه (٢) ، ومن ثَمَّ انفرد عبدُ الله بسماع سائر " المسند " عن أبيه (٣) ، بل إن بعضَ الأحاديث سمعها منه مرتين وثلاثة (٤) ، وقد أدَّى لنا " المسندَ " كما سمعه وزاد عليه أحاديثَ عن عوالي شيوخه (٥) وقد بلغ عددهم مئة وثلاثةً وسبعين شيخاً (٦) .
وثَّقه النسائي والدارقطني والخطيب وغيرهم، وحدَّث عنه النسائي وابن صاعد، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر بن النّجاد، وأبو بكر القطيعي، وخلق كثير. كانت ولادته سنة (٢١٣ هـ) ، وتوفي سنة (٢٩٠ هـ) عن سبع وسبعين سنة (٧) .
وقد انتهى إلينا " المسندُ " برواية ابنِ الحُصَيْن عن ابن المُذْهِب، عن القطيعي، عن عبد الله بن أحمد، عن الإِمام أحمد.
فأما الراوي عن عبد الله: فهو أبو بكرٍ أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك القَطِيعيُّ، ولد سنة (٢٧٤ هـ) ، سمع " المسند " مع عمِّ أمه عبد الله بن الجصَّاص، وكان لأبيه جعفر اتصالٌ بالدولة، وكان عبدُ الله يقرأ " المسنَدَ " لابن ذلك السلطان، فحضر القطيعيُّ أيضاً، وسَمِعه منه (٨) .