ومما يبين أن المعنى فيه ما ذكرت قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ)«٢» وفي الأخرى (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)«٣» والمعنى: اتبعوا التوحيد ثم داموا عليه وأقاموا. فاستقام/ مثل أقام، كاستجاب وأجاب.
وقال أبو الحسن «٤» في قوله تعالى: (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا)«٥» : إن «ثم» زيادة. والمعنى على ما قال: لأن المعنى: حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت تاب عليهم ليتوبوا. فجواب الجزاء، إن لم تقدّر «ثم» زيادة، غير مذكور.
فإن قال قائل: إن «ثم» زيادة في قوله: (ثُمَّ اهْتَدى)«٦» كما قال أبو الحسن «٧» في الآية الأخرى، فإنه يكون قوله (اهْتَدى) بعد تقدير زيادة «ثم» على تقديرين:
أحدهما:(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً)«٨» إنساناً مهتدياً، ويكون حالا. ولم يقع بعد، فإنه كقوله:(هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)«٩» .
ويجوز أن يكون على إضمار «قد» على تقدير: (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً)«١٠» أي: قد كنتم.
وقال أبو على في قوله تعالى:(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ)«١١» على ما تقدم من حذف المضاف. وعلى قولهم: هزمناكم، أي: هزمنا إياكم، كقوله:
(فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ)«١٢» أي: فلم قتلتم.
(١) المائدة: ٩٣. (٢) فصلت: ٣٠. (٣) الأحقاف: ١٣. (٤، ٧) هو أبو الحسن علي بن سليمان. وانظر الحاشية (٢ ص ٤٨) . (٥) التوبة: ١١٨. [.....] (٦، ٨) طه: ٨٢. (٩) المائدة: ٩٥. (١٠) البقرة: ٢٨. (١١) الأعراف: ١. (١٢) البقرة: ٩١.