وسمعته يحدث فقال لي: إنْ لَم تَحْمِل عَلى رَبِّك جُرْمَك، فأنتَ رَجُلٌ لا بَأْسَ بِك، فقلت: ما ذاك إليَّ، وقلت:
تُمَنِّيْنِي النَّفْسُ الأَمُوْلُ ودُوْنَ مَا … تُؤَمِّلُ مِنْ حَتْفِ المَنِيَّةِ عُوْقُ تُمَنِّيْنِي العُمْرَ الطَّوِيلَ وإنَّنِي … مِنَ اليَوْم إِنْ أَلْقَى الحِمَامَ خَلِيْقُ
ألا إِنَّ بِي مِنْ أَمْرِ ثِنْتَيْنِ فِي الحَشَا … أَرَى أَنَّنِي إِحْدَاهُما سَأَذُوْقُ
أَخَافُ بِجُرْمٍ ذَا العُلَى أَنْ يُصِيْبَنِي … فَأَشْقَىَ وَأَرْجُوا عَفْوَهُ فَأَفِيْقُ
خُلِقْنَا فَمِنَّا فِي الجِنَانِ وخُلْدِهَا … فَريقٌ وفي نَارِ السَّعِيْر فَرِيْقُ
كَذَاكَ سَعِيْدٌ جَنَّةُ الخُلْدِ دَارُه … وشَاقٍ فَدَارُ الأَشْقِيَاءُ حَرِيْقُ
أَلَا إِنَّمَا في اليَوْمِ إِتْبَاعُ ما قَضَى … بِه قَبْلَ إِمْضَاءِ القَضَاءِ مُطِيْقُ
مَضَىَ قَبْل مَا يَأْتِي عَلَيْنَا بِآتِيَةٍ … لَنَا قَدَرٌ مِنْ ذِي الجَلَالِ زَنِيْقُ
تُسَاقُ إِلَى مَا قَدْ قَضَى اللهُ والذِي … قَضَى لَكَ مَجلُوبٌ إِلَيْكَ مَسُوْقُ
فَمَا نَحْنُ إلَّا تَابِعُوا خَطَّ مَا جَرَى … به قَلَمٌ عِنْدَ الإِلَهِ لَمُوقُ
٣٧٦ - وعَطَاءُ بنُ عَبْسٍ أبو عَبْسٍ الحَنَشِيُّ الشَاعِر (١).
(٢٨١) أخبرني القاضي أبو القَاسِم التَّنُوخِي، عن محمد بن عِمْران المَرْزُبَاني (٢)، قال: وَجَدتُ بِخَطِّ أبي بكر محمد بن يَحْيَى الصُّوْلِي، حدثنا محمد بن الرِّيَاشِي، قال: كان أبو عَبْسٍ عَطَاءُ بنُ عَبْس الحَنَشِي شَاعِرًا فَصِيْحًا، وكان أبي يَسْتَنْشِدُهُ ويَسْتَفْصِحُه، فقال له أبي يَوْمًا: إنَّ أبا عَبْسٍ الأَسَدِي قَدْ عَمِل قَصِيْدَة يُفَضِّلُ الإبلَ فيها على النَّخْل، فعمل قصيدة يَرُدُّ
(١) ينظر: «الإكمال» لابن ماكولا (٣/ ٢٤٢).
(٢) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص ٢٩٨).