وقال يومئذ سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه: يا رسول اللَّه، أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة، وتركت جعيل بن سراقة الضمريّ؟! فقال: أما والّذي نفسي بيده، لجعيل بن سراقة خير من طلاع [ (١) ] الأرض كلها مثل عيينة والأقرع، ولكني أتألفهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه.
[خبر ذي الخويصرة التميمي]
وجلس صلى اللَّه عليه وسلّم يومئذ، وفي ثوب بلال رضي اللَّه عنه فضة يقبّضها للناس على ما أراه اللَّه، فأتي ذو الخويصرة التميمي- (واسمه حرصوص) : فقال: اعدل يا رسول اللَّه! فقال: ويلك! فمن يعدل إذا لم أعدل، قال عمر رضي اللَّه عنه:
ائذن لي أن أضرب عنقه! قال: دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم [ (٢) ] ، وصيامه مع صيامهم [ (٢) ] ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرّمية [ (٣) ] : [ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافة [ (٤) ] فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه [ (٥) ]- وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء، ثم] ينظر إلى قذذه [ (٦) ] فلا يوجد فيه شيء [ (٧) ] قد سبق الفرث [ (٨) ] والدّم.
آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر [ (٩) ] ويخرجون على حين فرقة من الناس [ (١٠) ] .
[ (١) ] في (خ) «طلائع» ، وطلاع الأرض: ملؤها. [ (٢) ] في (خ) «صلاته مع صلاته» ، «وصيامه مع صيامه» . [ (٣) ] مرق السهم من الرمية: نفذ فيها وخرج طرفه من الجانب الآخر، والرمية هي الطريدة التي يرميها الصائد. [ (٤) ] الرصاف: قطعة تلوي فوق مدخل سنخ النصل في عود السهم. [ (٥) ] النضي: هو من عود السهم. [ (٦) ] قذذ السهم: جمع قذه، وهي الريش يكون على السهم. وفي (خ) «في قذذ» . [ (٧) ] كذا في (ط) ، وفي (خ) «فلا يرى فيه شيئا» ورواية (الواقدي) ج ٣ ص ٩٤٨ «فلا يرى شيئا» . [ (٨) ] الفرث: ما يكون في كرش الحيوان من طعامه. [ (٩) ] تدردر: قال في (النهاية) : أي ترجرج، تجيء وتذهب. [ (١٠) ] راجع (المغازي للواقدي) ج ٣ ص ٩٤٨.