اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللَّه، ماذا لقيت من عبد الرحمن؟ فقال: وما له؟ فأخبره بما كان، فغضب صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى كان وجهه ليتوقد [ (١) ] ، ثم قال: رأيتهنّ وقد أصبن بآبائهن وأبنائهنّ وإخوانهنّ وأزواجهن! خير نساء ركبن الإبل نساء قريش! أحناه على ولد، وأبذله لزوج بما ملكت يد.
[هدية هند بنت عتبة بعد إسلامها]
وأهدت هند بنت عتبة بعد إسلامها هدية لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم- وهو بالأبطح- مع مولاة لها، جديين [ (٢) ] مرضوفين وقدّا [ (٣) ] ، فانتهت الجارية إلي خيمته، فسلمت واستأذنت فأذن لها فدخلت ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بين أم سلمة وميمونة ونساء بني عبد المطلب، فقالت: إن مولاتي أرسلت إليك بهذه الهدية، وهي معتذرة إليك، وتقول: إن غنمنا اليوم قليلة الوالدة، فقال: بارك اللَّه لكم في غنمكم، وأكثر والدتها!
فسرّت هند لما أخبرتها مولاتها بذلك، ورأوا من كثرة غنمهم ووالدتها ما لم يكن من قبل ولا قريبا. وكانت هند تقول: هذا بدعاء رسول اللَّه وبركته.
[إحدى نساء بني سعد وخبر وفاة حليمة السعدية]
وأتته صلّى اللَّه عليه وسلّم إحدى نساء بني سعد بن بكر- إمّا خالة أو عمة- بنحي [ (٤) ] مملوء سمنا وجراب أقط [ (٥) ]- وهو بالأبطح- فعرفها، ودعاها إلى الإسلام فأسلمت، وأخبرته بوفاة حليمة [ (٦) ] فذرفت عيناه، وقالت: أخواك وأختاك محتاجون! فأمر لها بكسوة وجمل ومائتي درهم، فقالت: نعم واللَّه المكفول كنت صغيرا، ونعم المرء كنت كبيرا، عظيم البركة.
[السرايا وهدم الأصنام]
وبثّ صلّى اللَّه عليه وسلّم سراياه وأمرهم أن يغيروا على من لم يسلم. فخرج هشام بن العاص
[ (١) ] توقد: تلألأ. [ (٢) ] في (خ) «جد بين» . [ (٣) ] المرضوف: المشوي، والقد: سقاء صغير متخذ من جلد السّخلة يكون فيه لبن. [ (٤) ] النحى: زق من الجلد يكون فيه السمن خاصة. [ (٥) ] الأقط: يتخذ من ألبان الإبل. [ (٦) ] حليمة السعدية، ظئره وحاضنته صلّى اللَّه عليه وسلّم.