وأما اختصاصه صلى اللَّه عليه وسلّم بالشفاعة [ (١) ] العظمى يوم الفزع [ (٢) ] الأكبر
قال اللَّه تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [ (٣) ] ، قال قتادة والحسن وزيد بن أسلّم: قدم صدق هو محمد صلى اللَّه عليه وسلّم يشفع لهم.
وعن أبي سعيد الخدريّ: هي شفاعة نبيهم محمد، وهو شفيع صدق عند ربهم.
[ (١) ] الشفاعة: الانضمام إلى آخر ناصرا له ومسائلا عنه. وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى مرتبة إلى من هو أدنى. ومنه الشفاعة في القيامة، قال تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ [٤٨: المدثر] ، أي لا تشفع لهم. وقوله: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها [٨٥: النساء] ، أي من انضم إلى غيره وعاونه، وصار شفعا له أو شفيعا في فعل الخير أو الشّر وقوّاه، شاركه في نفعه وضرّه. وقيل الشفاعة ها هنا: أن يشرع الإنسان لآخر طريق خير أو طريق شرّ، فيقتدي به، فصار كأنه شفع له، وذلك كما قال النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: «من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» . [رواه مسلم مطولا] . وقوله تعالى: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ [٣: يونس] ، أي يدبر الأمر وحده لا ثاني له في فصل الأمر، إلا أن يأذن للمدبرات والمقسمات من الملائكة فيفعلون ما يفعلونه بعد إذنه. واستشفعت بفلان على فلان فتشفّع لي إليه. وشفّعه: أجاب شفاعته. ومنه الحديث: «القرآن شافع مشفّع» . [رواه ابن حبان] . وإن فلانا ليستشفع به. قال الشاعر: مضى زمن والناس يستشفعون بي ... فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) : ٣/ ٣٢٨- ٣٢٩. [ (٢) ] الفزع: الذّعر والفرق. وربما جمع على الأفزاع، وإن كان مصدرا يقال: فزع- بالكسر-: خفا. قال تعالى: وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [٨٩: النمل] . وفزع أيضا: استغاث. والإفزاع: الإخافة والإغاثة. والتفزيع من الأضداد، يقال: فزّعه إذا أخافه. وفزّع عنه: كشف عنه الفزع. قال تعالى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [٢٣: سبأ] ، أي كشف عنها الفزع. (المرجع السابق) : ٤/ ١٩١. [ (٣) ] يونس: ٢.