مائتين، فلما كان بالبيداء قال: إني لأرى [ (١) ] السحاب يستهلّ بنصر بني كعب.
ولما خرج من المدينة نادى مناديه: من أحبّ أن يصوم فليصم، ومن أحب أن يفطر فليفطر. وصام هو، حتى [إذا] [ (٢) ] كان بالعرج صبّ على رأسه ووجهه الماء من العطش، فلما كان بالكديد- بين الظهر والعصر أخذ إناء من ماء في يده حتى رآه المسلمون،
ثم أفطر تلك الساعة، ويقال: كان فطره يومئذ بعد العصر.
وبلغه أن قوما صاموا، فقال: أولئك العصاة! وقال بمرّ الظهران: إنكم مصبّحو [ (٣) ] عدوّكم. والفطر أقوى لكم.
منزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالعرج
فلما نزل العرج- والناس لا يدرون أين يتوجه [ (٤) ] ! أإلى قريش، أو إلى هوازن، أو إلى ثقيف؟ وأحبّوا أن يعلموا أتى [ (٥) ]- كعب بن مالك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم- وقد جلس في أصحابه، وهو يتحدث- ليعلم ذلك، فأنشده شعرا، فتبسّم ولم يزد على ذلك. فلما نزل بقديد قيل: هل لك يا رسول اللَّه في بيض النساء وأدم الإبل؟
فقال: إن اللَّه حرّمهم عليّ بصلة الرحم، ووكزهم في لبّات الإبل. [وفي رواية: [إن] [ (٦) ] اللَّه حرّمهم عليّ ببر الوالدين ووكزهم في لبّات الإبل.] [ (٧) ] .
وجاء عيينة بن حصن بالعرج وسار [ (٨) ] وكان الأقرع بن حابس قد وافى بالسّقيا في عشرة من قومه. فلما عقد صلّى اللَّه عليه وسلّم الألوية بقديد ندم عيينة ألّا يكون قدم بقومه.
[خبر الكلبة]
ونظر عليه السلام بعد مسيره من العرج إلى كلبة تهرّ [ (٩) ] على أولادها، وهنّ
[ (١) ] في (خ) «لا أرى» ، وفي (المغازي) ج ٢ ص ٨٠١ «لأرى السحاب تستهل» . واستهل السحاب أشرق قبل أول مطر. [ (٢) ] زيادة للسياق. [ (٣) ] في (خ) «مصبحوا» بإثبات الألف بعد واو الجماعة. [ (٤) ] في (خ) «توجه» . [ (٥) ] في (خ) «فأتى» وفي رواية (الواقدي) ج ٢ ص ٨٠٢: «قال كعب بن مالك: آتى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بأعلم لكم علم وجهه» . [ (٦) ] زيادة للسياق من (ط) ج [ (٧) ] قال ابن الأثير في (النهاية) : لبّات: جمع لبّة، وهي الهزمة التي فوق الصدر وفيها تنحر الإبل، (النهاية) ج ٤ ص ٢٢٣، وهنا كناية عن الكرم وصلة الرحم، فلذلك استحقوا العفو. [ (٨) ] وذلك بعد إسلامه، ففي (الواقدي) ج ٢ ص ٨٠٤ «فدخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يومئذ مكة بين الأقرع وعيينة» . [ (٩) ] تهر: تنبح وتكشر عن أنيابها دفاعا عن أولادها.