وأما تعليم اللَّه تعالى له جواب ما يسأله عنه السائلون في مقامه فيه الّذي قام صلّى اللَّه عليه وسلّم
فخرّج البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة [ (١) ] ، وفي كتاب العلم [ (٢) ] في باب الغضب في الموعظة والتعليم، وخرّج مسلم [ (٣) ] كلاهما من حديث أبي أسامة عن بريد بن أبي بردة، عن أبي موسى- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: سئل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عن أشياء كرهها، فلما أكثر عليه غضب، ثم قال للناس: سلوا عما شئتم، فقام رجل فقال: من أبي يا رسول اللَّه؟ قال: أبوك حذافة، فقام آخر، فقال: من أبي يا رسول اللَّه، قال: أبوك سالم مولى شيبة، فلما رأى عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ما في وجه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
[ (١) ] حديث رقم (٧٢٩١) باب (٣) ما يكره من كثرة السؤال، وتكلف ما لا يعنيه. [ (٢) ] حديث رقم (٩٢) . [ (٣) ] حديث رقم (٢٣٦٠) باب (٣٧) توقيره صلّى اللَّه عليه وسلّم وترك إكثار سؤاله، قال الإمام النووي: مقصود أحاديث الباب أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم نهاهم عن إكثار السؤال، والابتداء بالسؤال عما لا يقع، وكره ذلك لمعان: منها: أنه ربما كان في الجواب ما يكره السائل ويسوؤه، ولهذا أنزل اللَّه- تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، كما صرح به في الحديث في سبب نزولها. ومنها: أنه ربما كان سببا لتحريم شيء على المسلمين فيلحقهم به المشقة، وقد بين هذا بقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين، فحرم عليهم من أجل مسألته. ومنها: أنهم ربما أحفوه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالمسألة والحفوة المشقة والأذى، فيكون ذلك سببا لهلاكهم. (مسلم بشرح النووي) .