بها وقال: يا رسول اللَّه! ما أستطيع أن أمضي رعبا! فبعث رجلا آخر بالروايا، فرجع وذكر كما ذكر الأول: فبعث آخر وخرج السقاء معه، فاستقوا وأتوا بالماء.
ثم أمر بشجرة يقم [ (١) ] ما تحتها.
خطبة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
وخطب الناس فقال: إني كائن لكم فرطا [ (٢) ] ، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم [ (٣) ] تضلوا: كتاب اللَّه وسنة نبيه.
[بلاغ خبر المسلمين إلى أهل مكة وخروجهم إليهم]
وبلغ أهل مكة خروج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فراعهم ذلك، وتشاوروا. ثم قدّموا عكرمة بن أبي جهل- ويقال: خالد بن الوليد- على مائتي فارس إلى كراع الغميم، واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش، وأجلبت ثقيف معهم: ووضعوا العيون على الجبال، وهم عشرة رجال يوحي بعضهم إلى بعض بالصوت: فعل محمد كذا كذا، حتى ينتهي ذلك إلى قريش ببلدح [ (٤) ] . وخرجوا إلى بلدح وضربوا بها القباب والأبنية، ومعهم النساء والصبيان، فعسكروا هناك، وقد أجمعوا على منع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من دخول مكة ومحاربته.
[إجماع قريش على منع المسلمين من دخول مكة، ومشورة المسلمين]
ورجع بسر بن سفيان من مكة وقد علم خبر القوم، فلقي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من وراء عسفان وأخبره الخبر.
واستشار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم [ (٥) ] الناس: هل يمضي لوجهته ويقاتل من صدّه عن البيت أو يخالف الذين استنفروا إلى أهليهم فيصيبهم؟
[ (١) ] وفي حديث فاطمة «أنها قمّمت البيت حتى اغبرّت» أي كنسته، والقمامة: الكناسة. (النهاية) ج ٤ ص ١١٠. [ (٢) ] فرط: سبق، وأكثر ما يستعمل في السبق إلى الماء (المعجم الوسيط) ج ٢ ص ٦٧٣. [ (٣) ] في (خ) «لن» وما أثبتناه من (الواقدي) ج ٢ ص ٥٧٧. [ (٤) ] بلدح: واد قبل مكة من جهة المغرب (معجم البلدان) ج ١ ص ٤٨٠. [ (٥) ] زيادة للبيان.