واستفتح أبو جهل يومئذ فقال: اللَّهمّ أقطعنا للرحم، وأتانا بما لا يعلم، فأحنه الغداة. فأنزل اللَّه تعالى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [ (٢) ] . وقال يومئذ:
ما تنقم الحرب العوان مني ... بازل عامين حديث سنّي
لمثل هذا ولدتني أمي [ (٣) ]
[إبليس يذمر المشركين ثم نكوصه على عقبيه]
وتصور إبليس في صورة سراقة (بن مالك) [ (٤) ] ، بن جعشم (المدلجي) [ (٤) ] يذمر المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لهم من الناس، فلما أبصر عدوّ اللَّه الملائكة نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون [ (٥) ] فتشبث به الحارث بن هشام وهو يرى أنه سراقة، فضرب في صدر الحارث، فسقط، وانطلق إبليس لا يرى حتى وقع في البحر، [ورفع يديه وقال: يا رب، موعدك الّذي وعدتني] [ (٦) ] .
[ (١) ] الآية ١٩/ الحج وفي (خ) إلى قوله تعالى فِي رَبِّهِمْ. [ (٢) ] الآية ١٩/ الأنفال وفي (خ) إلى قوله تعالى: [ «الفتح» ، «الآية» ] . [ (٣) ] في (البداية والنهاية) ج ٣ ص ٢٨٣ «ما تنقم الحرب الشموس مني» . وفي (ابن هشام) ج ٢ ص ٢٠٠ «ما تنقم الحرب العوان مني» . والحرب العوان جمع عون: الحرب الشديدة التي قوتل فيها مرة بعد أخرى، والبازل من الإبل الّذي خرج سنه فهو في ذلك يصل لذروة مرحلة الشباب. [ (٤) ] زيادة من نسبه. [ (٥) ] وذلك معنى الآية ٤٨/ الأنفال، وهي قوله تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ.... [ (٦) ] زيادة من (الواقدي) ج ١ ص ٧١.