إنما أصحاب محمد يلحظوننا بأبصارهم. يقول اللَّه تعالى: وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني أبا عامر.
[هدم المسجد وتحريقه]
فدعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عاصم بن عديّ العجلانيّ، ومالك بن الدّخشم السّالميّ، فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرّقاه
فخرجا سريعين- على أقدامهما- حتى أتيا مسجد بني سالم [بن عوف، وهم رهط مالك ابن الدخشم] [ (١) ] ، فقال مالك لعاصم: انظرني [ (٢) ] حتى أخرج [ (٣) ] إليك بنار من أهلي فدخل إلى [ (٤) ] أهله فأخذ سعفا من النخيل وأشعل فيه نارا، ثم خرجا يعدوان حتى انتهيا إليهم بين المغرب والعشاء وهم فيه، وإمامهم مجمّع بن جارية، فأحرقاه، - وثبت من بينهم زيد بن جارية بن عامر حتى احترقت أليته [ (٥) ]-، وهدماه حتى وضعاه بالأرض.
[هجران أرض المسجد وشؤم أخشابه]
فلما قدم صلّى اللَّه عليه وسلّم المدينة عرض على عاصم بن عدي المسجد يتخذه دارا، فقال:
ما كنت لأتخذ مسجدا قد نزل فيه ما نزل دارا! فأعطاه ثابت بن أقرم [ (٦) ] وأخذ أبو لبابة بن عبد المنذر خشبا من مسجد الضّرار- كان قد أعانهم به، وكان غير مغموص عليه في النّفاق- فبني به منزلا له، فلم يولد له في ذلك البيت مولود، ولم يقف فيه حمام، ولم تحضن فيه دجاجة قط.
[عدة من بني مسجد الضرار]
وكان الذين بنوا مسجد الضرار اثني عشر [ (٧) ] رجلا: جارية بن عامر بن
[ (١) ] زيادة من ابن هشام. [ (٢) ] أنطرني: انتظرني. [ (٣) ] في (خ) «حتى أخرج حتى أخرج» مكررة. [ (٤) ] في (خ) «فدخل على أهله» و «إلى أهله» حق المعنى. [ (٥) ] الألية: العجيزة. [ (٦) ] في (خ) «أقدم» . [ (٧) ] في (خ) «اثنا عشرة» .