فغضب، فصعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم، فجعلت انظر يمينا وشمالا، فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكى، فإذا رجل كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه، فقال: يا نبي اللَّه من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر، فقال: رضينا باللَّه ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، نعوذ باللَّه من سوء الفتن.
فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط صورت لي الجنة والنار، حتى رأيتهما وراء الحائط.
وكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
وفي حديث سعيد حدثنا قتادة أن أنسا حدثهم عن نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بهذا، وقال:
عائذا باللَّه من سوء الفتن، أو قال: أعوذ باللَّه من سوء الفتن.
ومن حديث معتمر عن أبيه قال قتادة: أن أنسا حدثهم عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بهذا، وقال: عائذا باللَّه من شر الفتن.
وذكره البخاري [ (١) ] أيضا في كتاب الصلاة في باب رفع البصر إلى الإمام من حديث محمد بن سنان حدثنا فليح، حدثنا هلال بن علي عن أنس بن مالك، قال: صلى لنا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ثم رقى، فأشار بيده قبل قبلة المسجد، ثم قال: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار ممثلتين في قبلة هذا الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ثلاثا، وذكره في كتاب الرقاق [ (٢) ] .
قال أبو نعيم فأظهر صلّى اللَّه عليه وسلّم نعمة اللَّه- تعالى- لديه في تعليمه إياه جواب سؤال السائلين لو سألوه في مقامه ذلك، فلو سئل لورد جواب مسألتهم حسب ما سبق من اللَّه له الوعد به.
[ () ] (٤) حديث رقم (٦٣٦٢) . وقولة: إذا لاحى بمهملة خفيفة أي خاصم، وفي الحديث: أن غضب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يمنع من حكمه، فإنه لا يقول إلا الحق في الغضب والرضا، وفيه فهم عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وفضل عمله. (فتح الباري) . [ (١) ] حديث رقم (٧٤٩) . [ (٢) ] باب (١٨) القصد والمداومة على العمل، حديث رقم (٦٤٦٨) .