الغصب والإتلاف بالقيمة، فكذلك (١) في القرض، إذ لا مِثْلَ له. وهذا قولٌ في مذهب أحمد وغيره، وقال الأكثرون: بل يجب المثل من الحيوان بحسب الإمكان، كما دلّت عليه السنة، وهذا هو المنصوص عن الأئمة.
واختلفت (٢) أقوالهم في الغَصْب والإتلاف، فتارةً يقولون:
يضمن بالقيمة، وتارةً يقولون: يضمن ما سوى الحيوان بالقيمة، وتارةً يقولون: بل الجميع يضمن بالمثل بحسب الإمكان. وهذه الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد. وقد اختلف في ذلك قول (٣) مالك والشافعي أيضًا، فقال الشافعي في الجدار المهدوم ظلمًا: يُعادُ مثلُه، وقال في مواضع: يضمن بالقيمة.
ولم يكن مع من يوجب القيمة في الإتلافِ من النصوص إلاّ قولُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٤): "من أعتقَ شِركا له في عبدٍ، وكان له من المال ما بلغَ ثمنَ العبد، فقُوِّمَ عليهِ قيمةَ عدلٍ، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، وأُعْطِيَ شُركاؤُه حِصَصَهم، وعَتَقَ عليه العبدُ".
قالوا: فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوجبَ في نصيب الشريك القيمةَ، ولم يُوجِبْ نصفَ عبدٍ، ولو كان العبد يضمن بالمثل لأوجبَ نصف عبد.
(١) س، ع: "وكذلك". (٢) س: "واختلف". (٣) س: "يقول". (٤) أخرجه البخاري (٢٥٢١ - ٢٥٢٥ ومواضع أخرى) ومسلم (١٥٠١ وبعد رقم ١٦٦٧) عن عبد الله بن عمر.