* وسئل شيخ الإسلام أبو العباس أحمد ابن تيمية - رضي الله عنه - عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من صام الدَّهر فكأنه لا صام ولا أفطَر"(١)، هل هو لانتفاء المشقَّة، أو لا ثواب ولا عقاب؟
* فأجاب: الحمد لله. هذا مبنيٌّ على أصل، وهو أن صوم الدَّهر الذي ذكره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، هل هو سردُ الصَّوم وإن أفطر أيام النهي الخمسة: يومي العيدين وأيام منى، أو هو الصَّوم المشتمل على صيام الأيام الخمسة؟ على قولين مشهورين للعلماء:
* منهم من قال: إنما كُرِه صوم الدَّهر لصوم الأيام الخمسة. قالوا: فإذا أفطرهنَّ لم يكن بذلك بأس.
وهذا قولُ كثيرٍ من الفقهاء والعُبَّاد، حتى إنه يُروى ذلك عن مالك، والشافعي، والإمام أحمد، وغيرهم (٢).
ومن هؤلاء من قال: إنَّ سَرْدَ الصَّوم أفضلُ من صوم يومٍ وفطر يوم (٣). وروى بعضهم هذا عن الشافعي.
* والقول الثاني: أن من سَرَد الصَّوم دائمًا فقد صام الدَّهر، وإن أفطر الأيام الخمسة.
(١) أخرجه مسلم (١١٦٢) من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -. (٢) انظر: "النوادر والزيادات" (٢/ ٧٧)، و"المجموع" للنووي (٦/ ٣٨٨)، و"مسائل إسحاق بن منصور" (٣/ ١٢٥٣)، و"شرح العمدة" لابن تيمية (٣/ ٤٤٦). (٣) انظر: "الإحياء" (١/ ٢٣٨)، و"فتاوى العز بن عبد السلام" (١٥٧)، و"الإنصاف" (٣/ ٣٤٢).