والمقصود هنا ذكر معنى الزوال، وقد تقدم أن لفظ "زال" يستعمل لازمًا تامًا، ويُستعمل ناقصًا من أخوات كان، وهو كثير، كقوله تعالى:{لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ}(٢)، وقوله تعالى:(وَلَا يَزَالُونَ مختلفين (١١٨) إلا من رحم) (٣)، وقوله تعالى:{وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}(٤). ويقال:"لم يزل كذلك"، كقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}، (سميعًا بَصِيرًا (٥٨)) فكأنه كان ثم مضى، فقال ابن عباس رضي الله عنهما:(وَكاَنَ اللهُ غَفُورًا رحِيمًا (٩٦)) تَسمَّى بذلك، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك. رواه البخاري في صحيحه (٥) عنه. وكذلك قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: لم يزل الله عز وجل عالمًا متكلمًا غفورًا.
وقال رضي الله عنه أيضًا: لم يزل متكلمًا إذا شاءَ. ذكره في رواية عبد الله فيما كتبه في "الردّ على الجهمية والزنادقة فيما شكّت فيه من متشابه القرآن وتأؤَّلَتْه على غير تأويله"(٦).
(١) سورة طه: ٧١ - ٧٣. (٢) سورة التوبة: ١١٠. (٣) سورة هود: ١١٨. (٤) سورة المائدة: ١٣. (٥) ٨/ ٥٥٦ (مع الفتح). (٦) انظر ص ٤٨.