إما أن يكون كاذبًا في إيمانه كقوم فرعون، وإما أن يؤمن بعد حضور الموت، كالذين قال تعالى فيهم: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٥]، والذين قال فيهم: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأعراف: ٥]، وقوله: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (١٢) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (١٤) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء: ١٢ - ١٥]، فهؤلاء لم يؤمنوا. وكذلك قوله: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: ٤٤]، فهؤلاء إما أنهم لم يتوبوا أو حضر الموتُ الذي لا يندفع.
وقد ذكر ابن الأنباري (١) في الآية قولين آخرين فاسدين:
أحدهما: أن {إِلَّا} بمعنى الواو، فالمعنى: وقوم يونس لما آمنوا فعلنا بهم كذا وكذا. قال: وهذا مروي عن أبي عبيدة (٢)، والفراءُ (٣) ينكره.
والثاني: أن الاستثناء من الآية التي قبلها، تقديره: حتى يروا العذاب الأليم إلَّا قوم يونس. والاستثناء على هذا متصل غير منقطع.
(١) نقل عنه ابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٦٥).(٢) مجاز القرآن (١/ ٢٨٢).(٣) مجاز القرآن (١/ ٤٨٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute