أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: ٦٥]، ومنها أمران لا يكونان، وهو العذاب من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، كما ثبت في الصَّحيح (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}، فقال:"أعوذ بوجهك"،
والحكمُ هو الأمر، وهو أمرُ التكوين، فمعناه هو بوجود المأمور به الذي قيل له:"كن" فيكون.
وأما القضاء، فهو الإكمالُ والإتمام، كما قال تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت: ١٢] , وقال الشاعر (٢):
وعليهما مَسْرُودتان قَضَاهما ... داودُ أو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ
وذلك هو كمال الوجود المخلوق، فلا بد من كونه واقعًا على العدل، كما قال:{خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ}[الانفطار: ٧].
وفرَّق - صلى الله عليه وسلم - بين لفظي "القضاء" و"الحكم"، ووصَفَ الحكمَ بالنفاذ، والقضاءَ بالعدل (٣)؛ لأن القضاء هو الإكمال والإتمام لما يخلقُه، فوصَفه
(١) "صحيح البخاري" (٤٦٢٨) من حديث جابر - رضي الله عنه -. (٢) أبو ذؤيب الهذلي، من عينيته الذائعة. في "ديوان الهذليين" (١/ ١٩)، و"المفضليات" (٤٢٨). (٣) انظر: "الفوائد" لابن القيم (٣٣).