فذكر أنه فالقُ الإصباح بعد ذكره فَلقَ الحب والنوى، فإنه بسبب فَلْقِه الإصباحَ وجَعْلِ الليلِ والنهارِ يَتِمُّ ما يخلقُه ويَنمو ويَحصُلُ مصلحتُه، ثم ذلك يحصل بتسخير الشمس والقمر وجَعْلِهما بحساب على وفْقِ العدلِ في الحكمة، لا يتقدم شيء على وقتِه ولا يتأخر شيء عن أجلِه، وهو سبحانَه يَسوقُ المقاديرَ إلى المواقيتِ.
واستحالةُ الأجسامِ بعضِها إلى بعضٍ معلوم بالمشاهدة، وهو مما تَطابقَ عليه أهلُ الطبائع والشرائع وأهل العادات، والأطباء يعرفون استحالة الأجسام بعضها إلى بعض، وغيرهم. وكذلك الفقهاءُ تكلَّموا في استحالةِ الطاهرِ إلى النجس، واستحالةِ النجسِ إلى الطاهر، وفي الماء والمائعِ إذا خالطَتْه النجاسة هل يستحيل أم لا؟
والذين أنكروا ذلك وقالوا بالجوهر الفرد زعموا أن كلَّ ما شهدَ العبادُ أنَّ الله يخلقُه من سحاب ونباتٍ ومطرٍ وإنسان وحيوانٍ، فإنَّ الله -فيما زعموا-[لَمْ] يُبدِعْ تلك الأعيانَ والجواهرَ القائمةَ بأنفسها،