قُبورَ سائرِ الأنبيِاء والصالحين التي ببقية البلاد (مثلَ ما بالشامِ وغيرها من الأمكنة التي يُقال: إنها مقام إبراهيم أو المسيح أو غيرهما، كمقامِ إبراهيم ببَرْزَةَ، وكمغَارةِ الدّم، والرَّبوة التي يُقال: إنه كان بها المسيحُ وأمُّه، وكطورِ موسى وغارِ حِرَاءَ وغيرِهما من الجبالِ والمغاراتِ، وكسائر قبور الصالحين من الصحابة والقرابة وغيرهما، وكصَخْرةِ بيتِ المقدس وغيرها) أولَى [بأن] لا يُقبَّلَ شيء من ذلك ولا يُستَلَم ولا يُطافَ به، فلا يكون شيء من ذلك بمنزلةِ الركنين اليمانيين ولا بمنزلة الحجر الأسود. ولهذا قال عمر: والله إني لأعلَمُ أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تَنفعُ، ولولا أني رأيت رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقبِّلُك لما قَبَّلتك. يدلُّ على أنه ليس من الأحجارِ ما يُقبَّل، إذ كان رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يشرع تقبيلَ شيء من ذلك.
والحديث الذي يرويه بعضُ الكذابين:"لو أحسنَ أحدُكم ظَنَّه بحجرٍ لَنفَعَه الله به"(١) كَذِب مُفترى باتفاقِ أهلِ العلم، وإنما هذا من قولِ عُبَّادِ الأصنام الذين يُحسِنون ظنَّهم بالحجارةِ، وقال تعالى لهم:(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)) (٢)، وقال تعالى:(فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)) (٣)، وقال الخليل: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ
(١) موضوع لا أصل له، قال المؤلف في مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٣٥): إنه من المكذوبات. وقال ابن القيم في "المنار المنيف" (ص ١٣٩): هو من وضع المشركين عباد الأوثان. (٢) سورة الأنبياء: ٩٨. (٣) سورة البقرة: ٢٤.