فقد أمره الله تعالى أن ينكر عليهم ما أمروه به من عبادة غير الله. وعلى زعمهم ما ثَمَّ غيرٌ، ولا يُتَصَوَّر أن يَعبد غيرَ الله، كما لا يعبدون (١) أيضًا غيرَه.
ولذلك (٢) أنكر عليهم أن يتخذ غيره وليًّا أو ربًّا أو حَكَمًا؛ فإن هذا استفهامُ إنكار، إنكار نهي وذمٍّ لمن أمره بإيجاد وليٍّ أو حَكَمٍ أو ربٍّ غيرَه، ونفيٍ لأن يتخذ غيره وليًّا أو حَكَمًا أو ربًّا.
فإذا لم يكن له غيرٌ (٣) بوجهٍ من الوجوه امتنع هذا الكلام، وصار المعنى:"لا أتخذ وليًّا غير موجود، أو ربًّا غير موجود، أو حَكَمًا لا وجود له"، ومعلومٌ أن هذا لم يأمروه به، ولم يفعلوه، ولا يقصده أحدٌ حتى يتنزَّه عنه ويتبرَّأ منه (٤).
ومن ذلك ما قصَّ الله عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٥ - ٧٧]، وقول المكَبكَبين في النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]، وعلى زعمهم ما ثَمَّ إلا ربِّ العالمين، وما ثمَّ