عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يُسلم في حائطٍ بعينه إلا أن يكون قد بدا صلاحُه. فهو إذا بدا صلاحُه وقال: أسلمتُ إليك في عشرة أوسُقٍ من تمر هذا الحائط جاز. كما يجوز أن يقول: ابتعتُ عشرةَ أوسُقٍ من هذه الصُّبرة، ولكن التمر يتأخر قبضُه إلى كمالِ صلاحِه، فإذا عجل له الثمن قيل له سلف، لأن السلف هو الذي تقدم، والسالف: المتقدم، قال الله تعالى:{فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ}[الزخرف: ٥٦]. والعرب تُسمّي أول الرواحل: السالفة، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الحقي سلفنا الخيّر عثمان بن مظعون»(١)، وقوله:«حتى تنفردَ سالفتي»(٢) وهي العنق.
ولفظ «السلف» يتناول القرض والسَّلَم، لأن المقرض أيضًا سلَّف القرضَ، أي قدَّمه وعجَّله، لكن هذا تبرع بالمنفعة، وفيه حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يحلُّ سلفٌ وبيع، وشرطانِ في بيع، ولا ربح ما لم يُضمَن، ولا بيع ما ليس عندك»(٣). ومنه الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلفَ بَكْرًا وقضَى جملًا رَبَاعيًا (٤).
والذي يبيع ما ليس عنده لا يقصد إلا الربح، وهو تاجر، فيسلف
(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٧، ٣٣٥) عن ابن عباس. وإسناده ضعيف، فيه علي بن يزيد، وهو ضعيف. (٢) ورد ضمن حديث المسور بن مخرمةومروان بن الحكم، الذي أخرجه البخاري (٢٧٣١، ٢٧٣٢). (٣) سبق تخريجه. (٤) سبق تخريجه.