لم أجد تصريحًا - من القائلين بالحظر - بأن السمع قد دل عليه، لا نقلًا عنهم، ولا استدلالًا لهم، لكن الدليل الذي يذكر في هذا المحل هو: أن الأشياء كلها ملك لله تعالى، وله الخلق والأمر، وملك الغير لا يجوز تناوله من غير إذنه، فوجب أن تكون هذه الأشياء كلها على الحظر، وينبغي أن تبقى الأشياء على ملك مالكها، ولا يتعرض لشيء منها إلا بإذنه وأمره؛ لأن الملك علة الحرمة على غير المالك، بدليل سائر الأملاك، فإذا وجدت علة الحرمة ولم توجد علة الإباحة، كان الشيء على الحرمة (١).
= أما القول بالحظر: فالذين قالوا به من أهل السنة أرادوا: أنه يمتنع أن يتصرف الإنسان بلا دليل، خاصة إذا كان فيما لا يملك، لا سيما أنهم في التطبيق العملي لا يخالفون في طلب الدليل المخرج عن الإباحة، لذا فالقول بالحظر مآله: القول بالإباحة، وعلى أية حال فالجمهور يرون القول بالإباحة، وهو القول الذي يكاد يحظى بإجماع المعاصرين اليوم. (١) قواطع الأدلة (٢/ ٥٢).