وهو أن يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرًا مشروعًا ليُبيِّن مشروعية أمر غيره، أو يُبيِّن جوازه، أو يُبيِّن كونه أفضل أو لبيان حكم جديد.
وفيما يلي ما يندرج تحته من أقسام وبيان أمثلة ذلك:
أ - ترك المباح طلبًا للأولى والأفضل:
وذلك بأن يكون كلا الفعلين المتر وك والمفعول جائزًا، ويعدل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أقلهما اختيارًا للفضيلة، ولا شك أن مثل هذا المعنى لا يعرف إلا بالتوقيف، وهو ظاهر فيما أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حاله كذلك.
فمن ذلك ما ورد من حديث أبي رافع - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف على نسائه في ليلة وكان يغتسل عند كل واحدة منهن، فقيل له: يا رسول الله، ألا تجعله غسلًا واحدًا، فقال:"هو أزكى وأطيب وأطهر"(١).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ترك فعلًا مباحًا، ووجه كون هذا المتروك مباحًا أمران:
الأول: أن الصحابة علموا ذلك سابقًا، فلما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك سألوه عن الحكمة في ذلك.
= بهيمة أو طائر. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (ص ٦٢٨) [تحقيق بإشراف: علي حسن عبد الحميد، دار ابن الجوزي، ط. الثانية (١٤٢٣ هـ)]. (١) رواه أبو داود (١/ ٥٥ / ٢١٩) كتاب الطهارة، باب الوضوء لمن أراد أن يعود، وابن ماجه (١/ ١٩٤ / ٥٩٠) كتاب الطهارة وسننها، باب فيمن يغتسل عند كل واحدة غسلًا، واللفظ لابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٦٧ / ٢١٩).