ومما يؤيد ذلك القول أن الصحابي الذي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته فهم ذلك الفهم، وذلك فيما رواه مروان الأصغر قال:"رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما - أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن أليس قد نُهي عن هذا؟ قال: بلى إنما نُهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس"(١).
وإلى هذا القول ذهب مالك (٢) والشافعي (٣) وهو قول الجمهور، وقال ابن حجر:"وهذا أعدل الأقوال لإعمال جميع الأدلة"(٤).
وبناء على هذا العرض السابق فإن استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة مختلف فيه على أربعة أقوال:
١ - الحرمة مطلقًا.
٢ - الكراهة مطلقًا.
٣ - الحرمة في الصحراء دون البنيان.
٤ - الإباحة مطلقًا.
الرأي المختار:
من خلال العرض السابق يمكن أن يجمل القول فيما يلي:
(١) رواه أبو داود (١/ ٣ / ١١) كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وحسنه الألباني في الإرواء (١/ ١٠٠). (٢) التمهيد لابن عبد البر (٥/ ٣٥٠) (نسخة دار الفاروق). (٣) شرح صحيح مسلم (٣/ ١٤٥). (٤) فتح الباري (١/ ٢٩٦).