وعليه فيجوز استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة.
وهذا قول عائشة وعروة - رضي الله عنهما - وربيعة (١) وداود الظاهري.
ويؤيده ما ورد من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه قال:" نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يُقبض بعام يستقبلها"(٢).
أما الذين صاروا إلى الجمع بين الدليلين:
فلهم في ذلك ثلاثة مسالك:
الأول:
أن القول لا يعارض الفعل، فالقول خاص بنا، والفعل خاص به - صلى الله عليه وسلم -. فيحمل الفعل على الخصوصية، وهذا ما ذهب إليه الشوكاني، وقد حكاه ابن حجر في الفتح دون نسبةٍ لأحد، وردَّه (٣).
(١) هو: أبو عثمان - ويقال أبو عبد الرحمن - ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ، القرشي، التيمي مولاهم، التابعي، المشهور بربيعة الرأي، مفتي المدينة وعالم الوقت، روى عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - وسعيد بن المسيب - رضي الله عنه - وغيرهما، وحدَّث عنه الإمام مالك وتفقه عليه، توفي سنة ١٣٦ هـ. [سير أعلام النبلاء (٦/ ٣١٩)، وفيات الأعيان (٢/ ٢٨٨ / ٢٣٢)]. (٢) رواه الترمذي (١/ ١٥ / ٩) أبواب الطهارة، باب ما جاء في الرخصة من ذلك، وأبو داود (١/ ٣ - ٤/ ١٣) كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك (أي في استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)، وابن ماجه (١/ ١١٧ / ٣٢٥) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في ذلك في الكنيف، وإباحته دون الصحاري، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٣٦ / ١٠): إسناده حسن. (٣) نيل الأوطار (١/ ١٣٢)، فتح الباري (١/ ٢٩٦).