وكذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة: ٣٦]، فاعتبر سبحانه التوقيت بالهلال؛ إذ إنّ الحول القمريّ هو المكون من اثني عشر شهرًا.
قال القرطبي:«هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها، إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط»(١).
وقال الرّازي:«الواجب على المسلمين بحكم هذه الآية، أن يعتبروا في بيوعهم ومدد ديونهم وأحوال زكواتهم وسائر أحكامهم، السنة العربية بالأهلة، ولا يجوز لهم اعتبار السنة العجمية والرومية»(٢).
وتخريج الحكم للآيتين: هو أن المعتبر في الأحكام الشرعية حقائقها؛ إذ الشارع يخاطبنا بعرفه، كيف وقد نصّ في الآية الأولى على كون الأهلة ﴿مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ﴾ وبلفظه العامّ؛ ليشمل الصّيام وغيره.
وفي الآية الثانية: حصرها بالعرف الشّرعي بقوله ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ وعليه فوجب تعليق العبادات وغيرها بها.
(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن (٨/ ١٣٣). (٢) ينظر: التفسير الكبير (١٦/ ٢٣).