كذا رواه الحاكم أبو عبد الله: عن الأصم، عن أحمد بن شيبان، عن سفيان وأدخل في الإسناد عطاء.
الفرار: الهرب.
قوله:"من فر من ثلاثة فلم يفر" يريد: أن الفرار من الثلاثة وإن كان فرارًا على الحقيقة -وإنه ليس بفرار شرعي؛ لأن الفرار الشرعي المنهي عنه الحرام على فاعله إنما هو أن يفر من اثنين لقوله -تعالى-: {الْآنَ خَفَّفَ الله عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ}(١) وهذا هو القدر الواجب في الجهاد، وقد تقدم في الحديث قبله حكم الفرار وما يتعلق به.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية فلقوا العدو فحاص الناس حيصة، فأتينا المدينة ففتحنا بابها وقلنا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نحن الفرارون، فقال:"بل أنتم العكارون وأنا فئتكم".
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود والترمذي.
فأما أبو داود (٢): فأخرجه عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن يزيد بن أبي زياد بالإسناد وذكر أطول من هذا.
وأما الترمذي (٣): فأخرجه عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد بالإسناد وذكر الحديث وفيه: فقدمنا المدينة فاختبأنا بها وقلنا هلكنا ثم أتينا
(١) [الأنفال: ٦٦]. (٢) أبو داود (٢٦٤٧). (٣) الترمذي (١٧١٦). وقال: حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد. قلت: وضعفه الألباني -رحمه الله- في الإرواء (١٢٠٣).