والذي ذهب إليه الشافعي: أن القتل كبيرة من الكبائر، فمن قتل مؤمنًا متعمدًا فقد فسق واستوجب النار إلا أن يتوب، وحكى عن ابن عباس أنه قال: لا تقبل له توبة وأنه يخلد في النار، لقوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}(١) وهذا ينتقض بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ}(٢) ولأن التوبة إذا صحت من الكفر فمن القتل أولى، وأما الآية فمحمولة على من لم يتب. وقد جاء في التفسير أنها منسوخة بقوله:{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}(٣). والله أعلم.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر، عن إياد ابن لقيط، عن أبي رمثة قال: دخلت مع أبي على رسول - صلى الله عليه وسلم -، فرأى أبي الذي بظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دعني أعالج الذي بظهرك فإني طبيب. فقال:"أنت رفيق" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هذا معك"؟ قال: ابني أشهد به. قال:"أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه".
هذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي.
أما أبو داود (٤): فأخرجه عن أحمد بن يونس، عن عبيد الله بن إياد، عن إياد. وذكر الحديث بنحوه ولم يذكر المعالجة. وزاد في آخره: وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
(١) [النساء: ٩٣]. (٢) [الفرقان: ٦٨ - ٧٠]. (٣) [النساء: ٤٨، ١١٦]. (٤) أبو داود (٤٤٩٥).