قال الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سفيان، عن أيوب، عن ابن سيرين قال:"حضرت شريحًا فقضى لأعمى بالعمرى، فقال له الأعمى: يا أبا أمية بم قضيت لي؟ فقال شريح: لست أنا قضيت لك، ولكن محمد - صلى الله عليه وسلم - قضى لك منذ [أربعين](٢) سنة؛ قال: من أعمر شيئًا حياته فهو لورثته إذا مات".
قال (٣): قلت للشافعي: فإنا نخالف هذا -يعني مالكًا وأصحابه- وحجتنا فيه أن مالكًا قال: أخبرني يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم:"أنه سمع مكحولاً الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى وما يقول الناس فيها، فقال له القاسم: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا".
فقال الشافعي -رضي الله عنه- ما أجابه القاسم في العمرى بشيء، وما أخبره إلا أن الناس على شروطهم، ولم يقل له: إن العمرى من تلك الشروط التي أدرك الناس عليها.
وقد يجوز أن لا يكون القاسم سمع الحديث, ولو سمعه ما خالفه -إن شاء الله تعالى.
(١) بيض له المصنف، وقد ذكره في كتابه النهاية في غريب الحديث (٣/ ١٠٤) ونقل عن الهروي والخطابي قولهما: هكذا يروى، والصواب: ضنت، أي كثر أولادها. يقال: امرأة ماشية وضانية، وقد مَشَت وضَنَت: أي كثر أولادها. ثم قال: وقال غيرهما: يقال: ضَنَت المرأةُ، تَضْنِي، وأَضْنَت، وضَنَأَت، وأَضْنَأَت: إذا كثر أولادها. (٢) في "الأصل": أربعون، والمثبت من الأم (٤/ ٦٤) وسنن البيهقي الكبرى (٦/ ١٧٥) وهو المشهور من العربية. (٣) القائل هو الربيع بن سليمان كما في "الأم" (٤/ ٦٣)، (٧/ ٢١٦).