قال الشافعي -رضي الله عنه-: قال الله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}(١) وقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}(٢) قال: فكان بَيِّنًا في الآية الأمر بالكتاب في الحضر والسفر، وذكر الله الرهن إذا كانوا مسافرين ولم يجدوا كاتبًا، فكان معقولاً -والله أعلم- فيها أنهم أمروا بالكتاب والرهن احتياطًا لمالك الحق بالوثيقة، والمملوك عليه بأن لا ينسى ويذكر، لا [أنه](٣) فرض عليهم أن يكتبوا ولا يأخذوا رهنًا؛ لقوله:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}(٤) فكان معقولاً لأن الوثيقة في الحق في السفر والإعواز غير محرمة والله أعلم في الحضر وغير الإعواز.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه؛ له غنمه وعليه غرمه".
قال الشافعي -رضي الله عنه-: غنمه: زيادته، وغرمه: هلاكه ونقصه.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا الثقة، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن ابن شهاب عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
هكذا أخرجه في كتاب الرهن، وعاد وأخرجه في كتاب الإجارات وقال: وقد أخبرني غير واحد من أهل العلم، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث ابن أبي ذئب.
هذا الحديث [أخرج](٥) مالك أوله عن ابن شهاب، عن ابن المسيب مرسلاً،
(١) سورة البقرة: (٢٨٢). (٢) سورة البقرة: (٢٨٣). (٣) في "الأصل": أنهم، والمثبت من "الأم" (٣/ ١٣٨)، و"المعرفة" (٨/ ٢٢٠). (٤) سورة البقرة: [٢٨٣]. (٥) في "الأصل": أخرجه.