وقيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهذا المحجوم مساء، فقال:"أفطر الحاجم والمحجوم"، كأنه عذرهما بهذا [القول](١) إذ كان قد أمسيا ودخلا [في وقت](٢) الإفطار، كما يقال: أصبح الرجل وأمسى إذا دخل في وقت الصباح والمساء.
وقال بعضهم: هذا على التغليظ لهما والدعاء عليهما، كقوله: من صام الدهر لا صام ولا أفطر، فيكون المعنى دعاء عليهما أي بطل آجر صومهما، فكأنما صارا مفطرين غير صائمين، ويكون سبب الدعاء تعرضهما لما يؤدي إلى الإفطار.
وقيل معناه: جاز لهما أن يفطرا، كقولك: حصد (٣) الزرع، أي حان له أن يحصد، ويكون ذلك عذرًا لهما في الإفطار، أما المحجوم: فحاجته إلى الحجامة، وأما الحاجم: فلأخذه ضواره (٤) إلى أن يحجم أخاه المسلم ويدفع عنه الأذى.
وهذه أقوال كما تراها وبحالها نقلناها.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن [يزيد](٥) بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم محرمًا صائمًا".
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه الجماعة إلا الموطأ.
أما البخاري (٦): فأخرجه عن علي بن عبد الله، عن سفيان، عن عمرو،
(١) من "معالم السنن" (٢/ ٩٥) وهو كلامه هناك. (٢) تكررت في الأصل. (٣) في الأصل [احصد] والمثبت من "معالم السنن" (٢/ ٩٥) وهو الأقرب. (٤) هو بمعنى الضر وانظر اللسان مادة ضور. (٥) في الأصل [زيد] وهو تصحيف والمثبت من "الأم" (٢/ ١٠٨) وكذا مطبوعة المسند. (٦) البخاري (١٨٣٥).