الحديث، والذي يظهر -والله أعلم- أن النفث بعد القراءة، و (ثم) أحياناً لا تقتضي الترتيب.
وقد مرَّ علينا قول الشاعر:
إنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أبُوه … ثم سَادَ مِنْ بعد ذلك جدُّه
والحكمة من ذلك: أنَّ هذا الريق الذي اختلط بالقراءة هو الذي تكون فيه البركة، والظاهر أنَّ المسح يكون من فوق الثياب (١).
وربما يشهد لذلك رواية البخاري الأخرى: قالت عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ»(٢).
فظاهر الحديث يدلّ على أنَّ النفث بالسور نفسها لا قبلها، وأفاد هذا الحديث حرص النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- على هذه السُّنَّة، حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا مرض يفعل ذلك بأمره لعائشة -رضي الله عنها-، وجاء في الصحيحين ما يدلّ على أنَّ النفث بها ليس فقط عند النَّوم، وإنما أيضاً إذا اشتكى وجعاً، فعن عائشة -رضي الله عنها-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْهُ»(٣)، وفي رواية:«وأَمسَحُ بِيَدِهِ رجاء بركَتها»(٤).
(١) شرح البخاري لشيخنا (٦/ ٦٠)، باب فضل المعوذات، الطبعة المصرية، في المكتبة الشاملة. (٢) رواه البخاري برقم (٥٧٤٨). (٣) رواه البخاري برقم (٤٤٣٩)، ومسلم برقم (٢١٩٢). (٤) رواه البخاري برقم (٥٠١٦)، ومسلم برقم (٢١٩٢).