للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على سمتها إلى كوم الجارح، ومن كوم الجارح إلى جامع ابن طولون وخطّ قناطر السّباع وخطّ السّبع سقايات، إلى قنطرة السّدّ ومراغة مصر، إلى المعاريج بمصر، وإلى كوم الجارح؛ ففي هذه المواضع كان العسكر والقطائع.

ويخصّ العسكر من ذلك ما بين قناطر السّباع وحدرة ابن قميحة إلى كوم الجارح، حيث الفضاء الذي يتوسّط ما بين قنطرة السّدّ وبين سور القرافة الذي يعرف بباب المجدم؛ فهذا هو العسكر.

ولمّا استولى الخراب في المحنة، أمر ببناء حائط يستر الخراب عن نظر الخليفة إذا سار من القاهرة إلى مصر، فيما بين العسكر والقطائع وبين الطّريق، وأمر ببناء حائط آخر عند جامع ابن طولون.

فلمّا كان في خلافة الآمر بأحكام اللّه أبي عليّ منصور بن المستعلي، أمر وزيره أبو عبد اللّه محمد بن فاتك المنعوت بالأجلّ المأمون بن البطائحي فنودي مدّة ثلاثة أيام في القاهرة ومصر:

بأنّ من كان له دار في الخراب أو مكان فليعمره، ومن عجز عن عمارته يبيعه أو يؤجّره من غير نقل شيء من أنقاضه، ومن تأخّر بعد ذلك فلا حقّ له ولا حكر يلزمه، وأباح تعمير جميع ذلك بغير طلب حقّ (١).

وكان سبب هذا النّداء أنّه لمّا قدم أمير الجيوش بدر الجمالي في آخر الشّدّة العظمى وقام بعمارة إقليم مصر، أخذ النّاس في نقل ما كان بالقطائع والعسكر من أنقاض المساكن، حتى أتى على معظم ما هنالك الهدم، فصار موحشا، وخرب ما بين القاهرة ومصر من المساكن، ولم يبق هنالك إلاّ بعض البساتين.

فلمّا نادى الوزير المأمون، عمّر النّاس ما كان من ذلك ممّا يلي القاهرة من جهة المشهد النّفيسي إلى ظاهر باب زويلة - كما يرد خبر ذلك في موضعه من هذا الكتاب إن شاء اللّه (٢) - ونقلت أنقاض العسكر كما تقدّم؛ فصار هذا الفضاء الذي يتوصّل إليه من مشهد السّيّدة نفيسة ومن الجامع الطّولوني ومن قنطرة السّدّ ومن باب المجدم في سور القرافة، ويسلك في هذا الفضاء إلى كوم الجارح.


(١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٣٤ - ١٣٥، وفيما يلي ٢٠: ٢، ١٠٠، ٢٦٥.
(٢) فيما يلي ٢٠: ٢، ١٠٠؛ وأيضا ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٣٤ - ١٣٥.