من حيث المعنى مبتدأ وخبره والشيخ [-رحمه الله-] ها هُنا قد مال إلى المغلب عليها الفعلية بدليل أنه جعل اسم الإِشارة ها هنا بمنزلة الضَّمير في نعم رجلًا زيدٌ عنى بالظاهر: اسم الإِشارة وهو "ذا"، ويحتمل أن يكون "ذا" للإِشارة إلى جنس المحاضرة قال الإِمام عبد القاهر الجرجاني (١): وأنه خلع منه معنى الإِشارة وجعل بمنزلة قولك: الشَّيء.
ويحتمل أن يكون "ذا" مزيدة فيرتفعُ زيدٌ بـ "حبَّ" لأنَّه فاعلٌ، ونحو "ذا" ها هنا، ماذا صنعت؟ في أحدِ الوجهين ومن ثم أُجيب بمنصوب فقيل (٢): حبيبًا.
تخمير: ولا بدَّ لـ "حبَّذا" من معرفة أو جارٍ مجرى المعرفة فلو قلتَ: حبَّذا رجلٌ وسكتَّ لم يكن شيئًا. قاله الإِمام عبد القاهر الجرجاني.
قالَ جارُ اللهِ:"ولأنه لا ينفصل المخصوص عن الفاعل في نعم وينفصل في حبذا".
قالَ المُشَرِّحُ: هذا عذرٌ آخر (٣) يقدم في لزوم المفسر في قولهم: حبذا زيد. يقولُ: إن الإِشارة ها هُنا نُزل منزلة الجزءِ من الفعل حتى خرجا عما عليه الفعل والفاعل، ولذلك أجرى على الواحد والاثنين والجماعة والمذكر والمؤنث مُجرى واحدًا في قولك: حبذا زيدٌ وحبَّذا هندٌ وحبذا الزَّيدان [وحبذا الهندان وحبذا الزيدون وحبذا الهندات لولا ذلك لقالوا حبذه وحبذان الزيدان] وهذا الموضع من حيَّات هذا الكتاب وَعَقَارِبِهْ.
(١) المقتصد: ١/ ٣٩٥. (٢) في (ب): "فعيل". (٣) شرح المفصل للأندلسي: ٤/ ١١٩.