قال جارُ اللهِ:"ومن أصناف الحرف حرف الردع وهو "كلا" قال سيبويه (١): هو ردعٌ وزجرٌ، وقال الزَّجاجُ (٢): "كلَّا" ردعٌ وتنبيهٌ وذلك قولك: كلَّا، لمن قال شيئًا ينكره نحو فلانٌ يُبْغِضُكَ وشِبْهه أي: ارتَدعِ عن هَذا وتَنَبَّه عن الخَطَأِ فيه قالَ الله تَعَالَى بعد قَوله (٣): {رَبِّي أَهَانَنِي (١٦) كَلَّا} أي: لَيْسَ الأمرُ كذلك لأنَّه قد يُوسِّع في الدُّنيا على من لا يُكرمه من الكُفَّارِ، وقد يُضَيِّقُ على الأَنبياء والصَّالحين للاستِصْلَاحِ".
قال المُشَرِّحُ: أبو حاتم: "كلا" في القرآن على وجهين:
على معنى الرد للأول وبمعنى "لا" كما وصفنا.
وعلى معنى "ألا" التي للتنبيه ويستفتح بها الكلام نحو (٤){كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} وقالَ بعضُ المفسرين: "كلَّا" معناها حقًّا، وهو يقرب من معنى "ألا"، وعن الفَرَّاء:"كلا" حرفُ ردعٍ بمعنى "نَعَمْ" و"لا" في الاكتفاء، وتكون صلة لما بعدها كقولك: كلَّا ورَبِّ الكَعْبَة، بمنزلة: إيْ
(١) الكتاب ٢/ ٣١٢. (٢) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٤٥. (٣) سورة الفجر: آية ١٦. (٤) سورة الأعلى: آية ٦.