قالَ الخَلِيْطُ غَدًا تصَدُّعُنَا … أو شَيْعَهُ فَمَتَى تُوَدِّعُنَا
التَّصَدُّعُ: هو التفرق، ومشيع الشيء: ما يتلوه يقال: ما أتيتك غدًا أو شيعة كأنها قالت: ترحل غدًا أو بعد غد (١) ثم قالت: بل نرحل غدًا و"غدًا" قبل بعد غد، تريد أن تعرف حاله من بعدها، وكيف حزنه على فقدها.
قالَ جارُ اللهِ:"وبنو سُليم يجعلون باب قلت أجمع مثل ظننت".
قالَ المُشَرِّحُ: بنو سُلَيْمٍ يُجرون متصرف قُلت في غيرِ الاستفهام أيضًا مُجرى الظَنِّ فيعدونه به إلى مفعولين فعلى مذهبهم يجوز فتح "أن" بعد القول.
قالَ جارُ اللهِ:" (فصل): ولها ما خلا حسبت وخلت وزعمت معان أخر لا يتجاوز عليها مفعولًا واحدًا، وذلك قولك: ظننته من الظنة وهي التهمة ومنه [قوله] عز وعلا (٢): {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} وعلمتُه بمعنى عَرَفْتُهُ، ورأيته بمعنى أبصرته، ووجدت الضالة إذا أصبتها، وكذلك رأيت الشيء بمعنى أبصرته وعرفته ومنه قوله عز وجل (٣): {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} وأتقولُ إنَّ زَيْدًا منطلقًا أي أتفوه بذلك".
قالَ المُشَرِّحُ: هذا وجهٌ آخر لانفتاح "إنَّ" بعد القول.
قالَ جارُ اللهِ:" (فصل): ومن خصائصها أن الاقتصار على أحد المفعولين في نحو كسوت وأعطيت مما تغاير مفعولاه غير ممتنع تقول: أَعطيتُ درهمًا ولا تذكر من أعطيته، وأعطيت زيدًا ولا تذكر ما أعطيته، وليس لك أن تقول: حسبت زيدًا ولا منطلقًا وتسكت لفقدها ما عقدت عليه حديثك".
(١) في (ب): "بعده". (٢) سورة التكوير: آية: ٢٤. (٣) سورة البقرة: آية: ١٢٨.