السَّعة أيضًا، ولهذا قالوا في تفسير المَثَل (١): (العودُ أحمد) أي أكثرُ حمدًا. لكنه ألغى خصوص اللفظ ولم يلغ خصوص الباب.
قالَ جارُ اللهِ:" (فصل): ومما شذَّ من ذلك قولهم: هو أعطاهم للدِّينارِ والدّرهمِ، وأولاهم للمعروفِ، وأنت أكرمُ لي من زَيْدٍ، أي أشدُّ إكرامًا، وهذا المكان أقفرُ من غيره أي أشدُّ إقفارًا وهذا الكلام أخصرُ، وفي أمثالهم. (أَفْلَسُ من ابنِ المُذَلَّقِ) و (أحمقُ من هَبَنَّقَةَ).
قالَ المُشَرِّحُ:(ابن المُذَلَّقِ) رجلٌ من بني عبدِ شمسٍ فقيرٌ مدقعٌ ما كان يَحصل على بيته ليلةً، وآباؤه وأجداده كذلك، قال (٢):
الهَبَنَّقَةُ (٣): رجلٌ يقال له ذو الوَدَعَات، واسمه: يَزيد بن ثَروان أحدُ بنى قَيس بن ثَعلبة، ومن حُمقه -فيما يقالُ- أنه قلَّدَ نفسه قلادَةً لئلا يَضيع [ثُمَّ نَامَ] وحُلت عن عنقه القِلادة، فلما انتبه وما رأى القلادة قام يطلب نَفْسَهُ، حتى ظفِرَ بمَن عنده القلادةَ فقال: أنتَ أنتَ فأينَ أنَا؟
فإن سألتَ: ما وجهُ الشُّذوذ في قوله: "أَحمق من هَبَنَّقَةَ"؟
أجبتُ: أنه من العُيُوبِ.
قالَ جارُ اللهِ: "وقد جاءَ أفعل ولا فِعْلَ له يقال: أحنك الشَّاتين، وأحنَكُ البَعيرين وفي أَمثالهم (٤): (آبلُ من حُنَيْفِ الحَنَاتِمِ).
قالَ المُشَرِّحُ: أحنك -ها هنا- مشتقٌّ من الحَنَكِ، والمراد به أشدُّها
(١) المثل في جمهرة الأمثال: ٢/ ٤١. (٢) تقدم المثل والشاهد عليه في الجزء الثاني. (٣) المثل في جمهرة الأمثال: ١/ ٣٨٥. (٤) جمهرة الأمثال: ١/ ٢٠٠.