ومدرك العامي في أن الذي يستفتيه من أهل العلم والدين والورع: الأخبارُ*، وقرائنُ الأحوال، فذلك عند العامة متيسر (١) ، وأما إذا لم يتضح له ذلك فلا يَحِلُّ (٢) له الاستفتاء؛ لأن دين الله لا يؤخذ من (٣) غير أهله، قال الله تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ}(٤) قال تعالى {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(٥) فتعيين (٦) أهل الذكر بالنطق يقتضي بالمفهوم تحريم (٧) سؤال غيرهم.
والتخيير والسقوط عند (٨) استواء المفتين، قد قيل بهما في الأمارتين إذا اسْتَوتا (٩) ، مذهب القاضي والجمهور: التخير، [ومذهب بعض الفقهاء: السقوط (١٠) .
وجه التخير] (١١) عند الرجحان في العلم والاستواء في الدين: إن تقليد (١٢) الأعلم غير واجب على المشهور، وغاية هذا أن يكون أعلم فيتخيَّر المستفتي.
حجة تقديم الأعلم: أن المُقدَّم في كل موطن [من مواطن](١٣) الشريعة [من هو أقوم بمصالح ذلك الموطن، فيُقدَّم في الحروب](١٤) من هو أعلم [بمكايد الحروب](١٥) وسياسة الجيوش، وفي القضاء (١٦) من هو أعلم بالتفطن بحجاج الخصوم، ولأمانة الحكم من هو أعلم بتنمية (١٧) الأموال وضبطها وأحوال الأيتام في مصالحها.
(١) انظر هذه القرائن في: نشر البنود ٢/٣٣٢، أدب الفتوى لابن الصلاح ص ١٣٥، صفة الفتوى لابن حمدان ص ٦٨، التقليد وأحكامه د. سعد بن ناصر الشثري ص ١١٧ (٢) في ق: ((يصح)) . (٣) في س: ((عن)) وهو صحيح؛ لأن أخذ يتعدى بكليهما. انظر مادة " أخذ " في: لسان العرب. (٤) الزمر، من الآية:٩ (٥) النحل، من الآية: ٤٣ (٦) في ن، س: ((فتعين)) . (٧) ساقطة من س، وهو سقط فاحش (٨) في س: ((لا تعلمون)) وهو بعيد جداً، لعله جاء للناسخ من السطر الذي قبله (٩) في ق: ((استويا)) وهو خطأ، انظر هامش (٦) ص (١٠٩) (١٠) انظر مبحث تساوي الأمارتين ص ٤٠٢. (١١) ما بين المعقوفين ساقط من س (١٢) في ق: ((يقلد)) وهو تخريف (١٣) ساقط من ق (١٤) ما بين المعقوفين ساقط من ق (١٥) في ق: ((بمكايدها)) . (١٦) في س: ((القصاص)) تحرفت من ((القضاء)) (١٧) في ق: ((قيمة)) .