والجواب: أن الظن الضعيف يجب اتباعه حتى توجد (١) معارضة الراجح عليه، كالبراءة الأصلية، فإن شمولها لم يمنع من التمسك بها حتى يوجد رافعها.
[البراءة الأصلية]
ص: البراءة الأصلية (٢) : وهي استصحاب حكم العقل (٣) في (٤) عدم الأحكام خلافاً للمعتزلة والأَبْهَري وأبي الفَرَج منا.
لنا: أن ثبوت العدم في الماضي يوجب ظن [عدم ثبوته](٥) في الحال، فيجب الاعتماد على هذا الظن بعد الفحص عن رافعه، وعدم وجوده عندنا وعند طائفة من الفقهاء (٦) .
الشرح
المعتزلة بنوا على مسألة التحسين والتقبيح، وأن كل ما هو ثابت بعد الشرع (٧) ثابت قبله بالعقل، وقد تقدَّم حِجَاجهم وأجوبتها أول الكتاب (٨) .
وأما الجمهور منا فعلى عدم الحكم إلا بعد البعثة، وأما الأَبْهَري وأبو الفَرَج وجماعة من الفقهاء فقالوا بالحَظْر مطلقاً وبالإباحة مطلقاً، وقد تقدم تفصيل مذاهبهم (٩) ، وليس ذلك منهم موافقة للمعتزلة في تحكيم (١٠) العقل بل قالوا بذلك لأدلة سمعية وردت
(١) في ن، س: ((يوجد)) وهو جائز والمثبت أرجح. انظر: هامش (١١) ص ٢٧. (٢) وهي ضَرْب من الاستصحاب ويُعبَّر عنها باستصحاب النفي أو استصحاب العدم الأصلي، وبالإباحة العقلية، ومنها قولهم: الأصل براءة الذمة. (٣) في ق: ((العقلي)) . (٤) في ق: ((و)) بدلاً من ((في)) وهو مقبولٌ أيضًا. (٥) في ن، متن هـ: ((عدمه)) . (٦) انظر: شرح اللمع ٢ / ٩٨٦، المستصفى ١ / ٣٧٧، شرح مختصر الروضة للطوفي ٣ / ١٤٧، تقريب الوصول ص ٣٩٤، الإبهاج ٣ / ١٦٨، تشنيف المسامع ٣ / ٤١٨، شرح الكوكب المنير ٤ / ٤٠٤، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص ٢٨٦. (٧) في ن: ((البعثة)) . (٨) انظر ص ٨٨ وما بعدها (المطبوع) . (٩) انظر ص ٨٨، ٩٢ (المطبوع) . (١٠) في ن: ((حكم)) .