القاعدة (١) : أن الدليلين الشرعيين إذا تعارضا، وتأخَّر أحدُهما عن (٢) الآخر كان المتأخرُ [ينسخ المتقدِّمَ](٣) .
مسألة تقدُّم القول وتأخُّر الفعل
ولذلك قلنا: ينسخُ الفعلُ القولَ، إذا تأخر. فإن كان خاصاً به والفعلُ أيضاً منه حصل النسخ (٤) . والخاصُّ بأمته يتقرَّر حُكْمه سابقاً ثم يأتي الفعل بعد ذلك (٥) ، ويجب تأسِّيهم به صلى الله عليه وسلم فيتعلق بهم حكم الفعل أيضاً، وهو مناقض لما تقدَّم في حقِّهم من القول، فينسخ (٦) اللاحقُ السابقَ في حقِّهم أيضاً (٧) ؛ لأنه القاعدة. وكذلك أيضاً (٨) إذا عَمَّهما (٩) ، وحكم الفعل أيضاً يعمُّهما (١٠) ؛ أما هو صلى الله عليه وسلم فلأنَّه المباشر له، ولا يباشر شيئاً إلا وهو يجوز له صلى الله عليه وسلم [الإقدامُ عليه](١١) ، وأمَّا هُمْ فلوجوب تأسِّيهم به وانْدِرَاجِهم في
(١) أي هذه قاعدة من قواعد الترجيح بين الأدلة المتعارضة. انظر: باب التعارض والترجيح في الباب الثامن عشر، ص ٤١٣. (٢) في ن: ((من)) ولم أجد فيما اطلعت عليه من المعاجم تعدِّي الفعل " تأخر " بـ" من ". (٣) في ن، ق: ((نسخاً للمتقدم)) خلافاً لجميع النسخ. ويلاحظ على هذه القاعدة: أنه لا يُصار إلى النسخ إلا بعد تعذُّر الجَمْع بينهما، كما هو مذهب جمهور الأصوليين، وقد ذكر المصنف ذلك في مبحث الترجيح ص (٤١٣) فقال: ((وإذا تعارض دليلان، فالعمل بكلِّ واحدٍ منهما من وجْهٍ أولى من العمل بأحدهما دون الآخر ... )) . والقول بالنسخ أو الترجيح أولاً عملٌ بأحدهما دون الآخر. انظر: الرسالة للشافعي ص٣٤١، الموافقات للشاطبي ٥/٣٤٢ وما بعدها. (٤) حصل النسخ في حقه دون أمته، لأن القول خاص به، أما أمته فيلزمها مثل فعله لوجوب التأسي به. (٥) أي: والقول الخاص بأمته كأن يقول: يجب عليكم صوم يوم عاشوراء، ثم يفطر فيه صلى الله عليه وسلم، وقد دل الدليل على وجوب التأسي به. (٦) في ق: ((فنسخ)) . (٧) أي: في حق أمته دونه صلى الله عليه وسلم، فلا يحصل له النسخ، لأن القول لم يتناوله. (٨) ساقطة من س، ق. (٩) في س: ((عمها)) وهو تحريف؛ لأن المراد تعميم النبي صلى الله عليه وسلم والأمة. (١٠) في س: ((يعمها)) وهو تحريف؛ للعلّة السابقة. (١١) ساقط من س.