ضجيج أهل المدينة (١) ، وغير ذلك (٢) حصل لهم العلم، فلذلك قبلوا تلك الرواية (٣) . سلمنا عدم القرائن لكن ذلك فِعْل بعض الأمة، فليس حجة، ولعله مذهب لهم فإنه مسألة خلاف.
[حكم نسخ السنة بالكتاب]
ص: ويجوز نسخ السنة بالكتاب عندنا (٤) خلافاً للشافعي رضي الله عنه وبعض أصحابه (٥) .
(١) انظر: المحصول للرازي ٣ / ٣٣٩، الكاشف عن المحصول للأصفهاني ٥ / ٢٧٥. (٢) من كون الراوي صحابياً عظيماً يخشى افتضاح كذبه، وأن الصحابة كانوا يتوقعون تغير القبلة، بدليل تشوفه صلى الله عليه وسلم إلى تغييرها، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء ... } [البقرة: ١٤٤] . انظر: نيل الأوطار للشوكاني ٢ / ١٦٨. (٣) لكن المصنف في نفائس الأصول (٦ / ٢٤٨١) قال: ((والأصل عدم ذلك (أي عدم القرائن) ، والمروي أن المخبر أخبرهم في الصلاة فتحولوا فيها إلى القبلة)) . وذكر الغزالي بأن القول بالقرائن يؤدي إلى إبطال أخبار الآحاد. انظر: المستصفى ١ / ٢٤١، وانظر: إحكام الفصول ص ٤٢٦. (٤) هذا مذهب جماهير العلماء. قال مكي بن أبي طالب القيسي: ((وعلى جوازه عامة الفقهاء، وهذا مذهب مالك وجماعة من أهل المدينة وأكثر أهل العلم)) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص ٦٧. انظر: المعتمد ١ / ٣٩١، إحكام الفصول ص ٤٢٤، التلخيص للجويني ٢ / ٥٢١، التمهيد لأبي الخطاب ٢ / ٣٨٤، منتهى السول والأمل ص ١٦٠، تيسير التحرير ٣ / ٢٠٢. (٥) في س: ((أصحابنا)) وهو خطأ واضح؛ لأنه لم ينقل عن أحدٍ من المالكية موافقةً للشافعي في هذه المسألة، بل المنقول فيها عن بعض أصحاب الشافعي. انظر: الإبهاج ٢ / ٢٤٨، البحر المحيط للزركشي ٥ / ٢٦٢. وأومأ إليه الإمام أحمد، انظر: العدة لأبي يعلى ٣ / ٨٠. أما مذهب الشافعي في مسألة نسخ السنة بالكتاب فقد حُكِى فيه قولان، الجواز وعدمه، وعبارة الشافعي في الرسالة تفيد امتناع نسخ السنة بالقرآن. قال رحمه الله: ((فإن قال قائل: هل تُنسخ السنة بالقرآن؟ قيل: لو نُسِخت السنة بالقرآن كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه سنةٌ تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة، حتىتقوم الحجة على الناس، بأن الشيء يُنْسخ بمثله)) الرسالة ص ١١٠، وقال: ((وهكذا سنة رسول الله لا ينسخها إلا سنة رسول الله)) الرسالة ص ١٠٨. وهناك من العلماء من عدَّ هذه هفوةً للشافعي رحمه الله وهناك من أوّل كلامه، انظر بحث ذلك في: قواطع الأدلة ٣ / ١٧٦، جمع الجوامع بشرح المحلِّي وحاشية العطار ٢ / ١١٢، البحر المحيط للزركشي
٥ / ٢٦٠ - ٢٧٩، الآيات البينات للعبادي ٣ / ١٨٨ - ١٩٥. (٦) البقرة، من الآية: ١٤٤. وجاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله يحب أن يُوجّه إلى الكعبة، فأنزل الله {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} [البقرة: ١٤٤] فتوجَّه نحو الكعبة. رواه البخاري (٣٩٩) واللفظ له، ومسلم (٥٢٥) .