لأن الكل طُرُقٌ إلى الله تعالى، ولم ينكر أحدٌ على العوام في كل (٢) عصرٍ تَرْكَ النظر في أحوال العلماء (٣) . وإذا فرَّعنا على الأول فإن حصل ظن الاستواء مطلقاً فأمكن أن يقال: ذلك (٤) متعذِّر، كما قيل في الأمارات (٥) ، وأمكن أن يقال: يسقط عنه التكليف، ويفعل ما يشاء (٦) منها (٧) . وإن حصل ظنُّ الرُّجْحان مطلقاً تعيَّن العمل (٨) بالراجح (٩) ، وإن حصل من وَجْهٍ فإن كان في العلم - والاستواء في الدين - فمنهم من خَيَّر، ومنهم من أوجب الأخذ بقول الأعلم (١٠) ، قال الإمام: وهو الأقرب؛ ولذلك قُدِّم من إمامة الصلاة (١١) ، وإن كان في الدين - والاستواء في العلم - فيتعيَّن الأدْيَن (١٢) ، فإن رَجَح أحدهما في دينه والآخر في علمه، فقيل: يتعيَّن الأدْيَن، وقيل: الأعْلَم، قال (١٣) : وهو الأرجح كما مرَّ (١٤) .
(١) هذا مذهب جماهير العلماء، والرواية الأخرى عن أحمد عليها أكثر الحنابلة، واختاره الباجي وابن الحاجب من المالكية. انظر: رسالة في أصول الفقه للعكبري ص ١٣١، إحكام الفصول ص ٧٢٩، شرح اللمع للشيرازي ٢/١٠١١، ١٠٣٨، التلخيص ٣/٤٦٥، روضة الناظر ٣/١٠٢٤، منتهى السول والأمل
ص ٢٢١، تقريب الوصول ص ٤٦٠، التقرير والتحبير ٣/٤٦٥، فواتح الرحموت ٢/٤٤٨، أدب الفتوى لابن الصلاح ص ١٣٧، صفة الفتوى لابن حمدان ص ٦٩ (٢) ساقطة من متن هـ. (٣) حكى المصنف الإجماع على هذا القول في ص (٤٤٨) . وها هو هنا ينقض ادعاء الإجماع بحكاية الخلاف في المسألة. راجع هامش (٦) ص ٤٤٨. (٤) في ق: ((هو)) . (٥) في ق: ((الأمارة)) . وانظر مبحث تساوي الأمارتين في: ص ٤٠٢. (٦) انظر: المعتمد ٢/٣٦٤، اللُّمع ص ٢٥٦، التمهيد لأبي الخطاب ٤/٤٠٥، المحصول للرازي ٦/٨١، التوضيح لحلولو ص٣٩٨ (٧) ساقطة من ق، س (٨) في ق: ((العلم)) وهو خطأ، لعل الناسخ التبس عليه العمل بالعلم (٩) انظر: البرهان للجويني ٢/٨٧٩، المنخول ص ٤٨٣، المحصول للرازي ٦/٨٢، جمع الجوامع بحاشية البناني ٢/٣٩٦، زاوئد الأصول للإسنوي ص ٤٤٩ (١٠) انظر المراجع السابقة، وكذا: المعتمد ٢/٢٦٤، شرح الكوكب المنير ٤/٥٧٣، نشر البنود ٢/٣٣٥، أدب الفتوى لابن الصلاح ص ١٣٨ (١١) انظر: المحصول ٦/٨٢ (١٢) وقيل: يخيّر. انظر: التمهيد لأبي الخطاب ٤/٤٠٥، المسودة ٤٦٣ (١٣) أي: الإمام الرازي. انظر: المحصول ٦/٨٢ (١٤) وهو قوله: ((وهو الأقرب)) . وقيل: يخيّر..انظر: التمهيد لأبي الخطاب ٤/٤٠٦، المسودة ص ٤٦٣، وانظر المسألة في: التمهيد للإسنوي ص ٥٣٠، البحر المحيط للزركشي ٨/٣٦٦، نثر الورود ٢/٦٤٧، صفة الفتوى لابن حمدان ص ٧٠