احتج المانعون: بأن الأمة أجمعت قبل الثالث على الأخذ [بهذا القول، أو بهذا القول (١) ] (٢) ، فالأخذ بالثالث خارقٌ للإجماع (٣) .
ولأن الحق لا يفوت الأمة، فلا يكون الثالث حقاً، وإلا لَمَا فاتهم، فيكون باطلاً قطعاً وهو المطلوب (٤) .
ويرد على الأول: أن الإجماع الأول (٥) مشروط بألاَّ يجتمعوا (٦) على أحدهما وقد أجمعوا ففات الشرط. فإن قلت: يلزمك ذلك في القول الواحد إذا أجمعوا عليه، فجاز أن يقال تمتنع (٧) مخالفته بشرط ألاَّ يذهب أحد إلى خلافه. قلتُ: لو كان الأول مشروطاً لما كان هذا مشروطاً، [بسبب أن](٨) القول الواحد تعيَّنتْ فيه المصلحة، فلا معنى للشرطية، بخلاف القولين لم تتعين المصلحة في أحدهما عَيْناً، ولم يقل بكل واحد منهما إلا بعض الأمة، وبعض الأمة غير معصوم (٩) .
وعن الثاني: لا نسلم تعيّن الحق في قول الأمة إلا إذا اتفقت كلها على قول، أما مع الاختلاف فممنوع، فظهر بهذه الأجوبة حجة الجواز.
مثال التفصيل: اختلفت الأمة على قولين: هل الجدُّ يقاسم الإخوة أو يكون المال كله له؟ (١٠) .
فالقول الثالث: أن الإخوة يحوزون المال كله على خلاف الإجماع،
(١) ساقطة من ق. (٢) ما بين المعقوفين في ن: ((بهذين القولين)) . (٣) هذا الدليل الأول للمانعين. (٤) هذا الدليل الثاني للمانعين. (٥) ساقطة من ق. والمراد بالإجماع الأول أي: إجماعهم على وجوب الأخذ بأحد القولين. (٦) أي: بألاَّ يجمع من بعدهما على أحد القولين. (٧) في ق: ((يمتنع)) . (٨) في ق: ((لأن)) . (٩) انظر: نفائس الأصول ٦ / ٢٦٥٣. (١٠) هذه العبارة في ق هكذا: ((هل يقاسم الجد الإخوة أو يحجبهم؟)) .
مسألة توريث الإخوة مع الجدِّ فيها مذهبان شهيران، الأول: الجد يحجب الإخوة والأخوات من جميع الجهات كما يسقطهم الأب، وهو قول جمع من الصحابة، منهم: أبوبكر وابن عباس رضي الله عنهم وجمع من التابعين وداود الظاهري وقول أبي حنيفة ورواية عن أحمد.