قال القاضي عبد الوهاب في " الملخص "(١) : اُخْتُلف في انعقاد الإجماع في العقليات، فقيل: لا يُعْلم بالإجماع عقلي؛ لأن العلوم العقلية (٢) يجب تقديمها على السمعيات التي هي أصل الإجماع.
وقال القاضي أبو بكر رحمه الله (٣) : ((العقليات قسمان: ما يُخِلُّ الجهلُ به بصحة الإجماع والعلم به كالتوحيد والنبوة ونحوهما، فلا يثبت بالإجماع (٤) ، وإلا جاز ثبوته بالإجماع، كجواز رؤية الله تعالى، وجواز (٥) العفو عن الكبائر، والتعبد بخبر الواحد، والقياس ونحو ذلك)) . (٦) وقال أبو الحسين في " المعتمد "(٧) : ((لا يجوز اتفاقهم على القول والفعل والرضا ويخبرون (٨) عن (٩) الرضا في أنفسهم، فيدل على حسن ما رضوا به، وقد يجمعون (١٠) على ترك القول [وترك](١١) الفعل فيدل (١٢) على أنه غير واجب، ويجوز أن يكون ما تركوه مندوباً إليه، لأن تركه غير محظور)) . فهذه التفاصيل أولى من التعميم الأول (١٣) وهو قول الإمام فخر الدين في " المحصول "(١٤) .
(١) لم اهتد إلى توثيق هذا النقل في سائر كتب الأصول. (٢) في س: ((العلقلية)) وهو تحريف. (٣) انظر قوله هذا في البحر المحيط للزركشي ٦ / ٤٩٢. (٤) انظر بحث هذه المسألة في الفصل الخامس ص (١٨٢) . (٥) ساقطة من ق. (٦) هذا شرح المصنف على قوله في المتن: ((ونعني بالاتفاق: الاشتراك، إما في القول أو الفعل أو الاعتقاد)) . (٧) انظر: المعتمد ٢ / ٢٣ بمعناه. (٨) في ن: ((ويخبروا)) ولا وجه له لعدم الجازم أو الناصب، ولكن من النحاة من أجاز نصب الفعل على تقدير " أن " المحذوفة، وذكروا شواهد على ذلك. ونقل السيوطي عن أبي حيان: أن الصحيح قصره على السماع، فلا ينبغي أن يُجعل ذلك قانوناً كُلياً يقاس عليه. انظر: همع الهوامع ٢ / ٣٢٣، وانظر: شرح المفصّل لابن يعيش ٧ / ٨، ٥٢. (٩) ساقطة من س. (١٠) في ن: ((يجمعوا)) انظر: التعليق في الهامش قبل السابق، وفي ق: ((وإن أجمعوا)) بدلاً من قوله: ((وقد يجمعون)) . (١١) في ق: ((أو)) . (١٢) في ق: ((دل)) . (١٣) ساقطة من ن. (١٤) وهو قوله: ((ونعنى بالاتفاق: الاشتراك، إما في القول أو الفعل أو الاعتقاد)) . انظر: المحصول للرازي ٤ / ٢٠.