الوجه الثاني: سلّمْنا أنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهلِ العصرِ السابقِ يُعَدّ إِجماعًا، لكنْ لا يلزم مِنْ ذلك عدمُ جوازِ تقليدِ الميتِ؛ إِذ عدمُ مانعيةِ قولِ الميتِ انعقاد الإِجماع لا تستلزم أنْ لا يكون مثلَ قولِ الحي في جوازِ تقليدِه عند عدمِ الإِجماعِ على خلافه (١).
الدليل الرابع: أنَّ المجتهدَ بعد موتِه خَرَجَ عن أهليّةِ الاجتهادِ، فيكون حالُه كحالِ المجتهدِ إِذا فَسَقَ (٢).
مناقشة الدليل الرابع: هناك فرقٌ بين الفسقِ، والموتِ، يبينُ هذا: أنَّ الشاهدَ لو شَهَدَ عند الحاكمِ، ثمَّ ماتَ، فإِنَّ الحاكمَ يحكمُ بشهادتِه، ولا يُؤَثِّرُ موتُه في ردِّ شهادتِه، بخلافِ ما لو شَهِدَ عند الحاكمِ، ثُمَّ فَسَقَ الشاهدُ، فإِنَّ الحاكمَ لا يحكمُ بتلك الشهادةِ، للفسقِ.
وإِذا ثَبَتَ الفرقُ بين الفسقِ والموتِ، لم يصحَّ إِلحاقُ الموتِ بالفسقِ (٣).
ثمَّ إِنَّ الموتَ وإِنْ أزالَ التكليفَ عن المجتهدِ، إِلَّا أنَّه أُمِنَ معه عدمُ رجوعِ المجتهدِ عن قولِه، لأنَّه لن يعيدَ النظرَ في اجتهادِه (٤).
أدلةُ أصحابِ القولِ الثالثِ: يتألفُ قولهم من شقين: