"وعنه" عبارةٌ عن روايةٍ عن الإمامِ، والضميرُ فيه له، وإنْ لم يتقدمْ له ذكرٌ؛ لكونِه معلومًا، فهو كقولِه تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}(١)، والضميرُ للقرآنِ، مَعَ عدمِ ذكرِه لفظًا، فـ "عنه" جارٌّ ومجرورٌ متعلقٌ بمحذوفِ، أيْ: نَقَلَ ناقلٌ عنه، أو نَقَلَ أصحابُه عنه، وفَعَل ذلك المتأخرون اختصارًا، وإلا فالأصلُ أنْ يُقالَ: نَقَلَ عبدُ الله عن الإمامِ كذا" (٢).
أمثلة الرواية عند الحنابلة:
المثال الأول: يقولُ الموفقُ بنُ قدامةَ في صفةِ الصلاةِ: "ثمَّ يقولُ: أعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرجيمِ، ثمَّ يقرأُ: بسم الله الرحمنِ الرحيمِ، وليستْ مِن الفاتحةِ، وعنه: أنَّها منها" (٣).
المثال الثاني: يقولُ ابنُ النجارِ: "وعن أحمدَ - رحمه الله تعالى - روايةٌ أخرى: أنَّ الفرضَ آكدُ" (٤)، أيْ: آكدُ مِن الواجبِ.
المثال الثالث: يقولُ المرداويُّ: "شهادةُ العبدِ لا تخلو: إمَّا أنْ تكونَ في الحدودِ والقصاصِ، أو في غيرِهما: فإن كانتْ في غيرِهما: قُبِلتْ على الصحيحِ مِن المذهبِ.
ونَقَلَ أبو الخطابِ روايةً: يُشترطُ في الشهادةِ الحريَّةُ" (٥).
ثانيًا: الرواية المخرَّجة:
وَرَدَ مصطلح:(الرواية المخرَّجة) عند علماءِ المالكيةِ والحنابلة، ولم أقفْ على استعمال هذا المصطلح عند علماءِ الحنفيةِ والشافعيةِ، فيما رجعتُ إليه مِنْ مصادر.
أولًا: الرواية المخرَّجة عند المالكية:
يقلُّ استعمالُ علماء المالكيةِ لمصطلح:(الرواية المخرَّجة)، ولم أقفْ
(١) من الآية رقم (١) من سورة القدر. (٢) المطلع على أبواب المقنع (ص/ ٤٦٠). (٣) المقنع (٣/ ٤٢٩ - ٤٣٣) مع الإنصاف والشرح الكبير. (٤) شرح الكوكب المنير (١/ ٣٥٢). (٥) الإنصاف (١٢/ ٦٠).